السبت، 30 يناير 2010

بحث فى "السنة النبوية"


1- مقــدمــة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد  وعلى أهله وصحبه وسلم.

وبعد،،

فإن من فضل الله سبحانه وتعالي على عباده، ورحمته بهم، وتمام نعمته عليهم، أنه لم يتركهم لعقولهم، ولم يكلهم إلى ضمائرهم في إقامة أسس صلاحهم في حياتهم، وإرساء قواعد أمنهم، واستقرار وجودهم وسلامة مجتمعهم.

فالعقول متفاوتة، وأسباب انحرافها متعددة، وموازين الضمائر مختلفة تبعاً لاختلاف البيئات وتغاير العادات.

وكثيراً ما تضطرب هذه الموازين أمام نوازع النفوس، وتيارات الأهواء، واختلاف المصالح.

لذلك لم يترك الله سبحانه وتعالي الناس سدي، فما من أمة إلا خلا فيها نذير، أرسله إليهم بشريعته، كما قال تعالي:     ( ).

وعلى هذا أرسل إلينا الرسول محمداً ، وأنزل عليه الكتاب، وخاطبه بقوله        •       ( ).

هذا ومن شريعته عبادة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالي، وإليه وحده تعريف الناس بوسائل قربه وطرائق رضاه، فإليه بيانها وليس للعقول في ذلك مدخل.

ومن ثم نيط أمرها بما يبلغه رسوله  دون أن يكون للعقل في بيانها وتحديدها مجال.

ومنها معاملة هي الوسيلة إلى حياة سليمة صالحة مستقيمة، خالية من الشرور والفحشاء والمنكر، تقوم على التوجيه الإلهي مع الاسترشاد بالنظر والتجربة.

وقد عصم الله رسوله  من الخطأ فيما أمره بإبلاغه وبيانه، ومن ثم وجبت طاعته وعدم الانحراف عما يأمر به، سواء أكان إبلاغه بالقول أو بالفعل أو بالإقرار، فكان بيانه ملزماً في دائرة التشريع التي أقامه الله فيها معلماً ومبلغاً بشيراً ونذيراً.

كما أن الرسول  جمع بين عدة صفات، أو كان يقوم بعدد من المقامات والمراكز.

فقد كان  بشراً، إنما يمتاز عن سائر البشر باسطفائه والإيحاء إليه. ثم كان إلى ذلك رسولاً إلى الناس مبلغاً دينهم، وداعياً إلى الله سبحانه وتعالي، وكان في الوقت نفسه زعيماً ورئيساً ووالياً بحكم زعامته الدينية وولايته العامة، وكان لذلك قاضياً يفصل فيما يرفع إليه من الخصومات، وكان قائداً له قيادة الجيوش وبعثها وتدبير أمورها. وكان له في كل هذه المراكز أقوال وأفعال وتدبيرات وسياسات صدرت منه بحكم مركزه ومقامه الذي كان يقومه.

فما الذي يجب اتباعه ويعد شريعة باقية إلى يوم القيامة، وما الذي يعد على خلاف ذلك، ويتغير بتغير الزمن ومصلحة كل عصر؟

تلك هي مشكلة البحث التي تظهر أن الموضوع خطير، وأمر جليل جدير بالتأني والتريث والعمق في النظر.

لذا أراد الباحث أن يقف أمام هذا الموضوع لعله يستطيع أن يضع بعض النقاط على حروفها في موضوع السنة التشريعية.



أسباب اختيار الموضوع:

أولاً: عدم التفرقة بين السنة التشريعية، والسنة غير التشريعية عند بعض الباحثين.

ثانياً: توقف بعض الباحثين على الالتزام بالسنة النبوية جميعها ووجوبها دون تفرقة بين مقامات ومراكز النبي  المختلفة. وفريق آخر يقف على الطريق المعاكس حيث يرى أن الشريعة جاءت بأحكام معينة، وترك ما سوى ذلك، ويتمثل ذلك في كثير من المعاملات.

ثالثاً: أحوال رسول  التي صدر عنها قول منه أو فعل، وأن هذه الأحوال يختلف فيها حكم حال عن حال، ولا يمكن التعامل مع كل هذه الأحوال بمقياس واحد( ).

رابعاً: كيفية معرفة سبب فعل الرسول  من أجل استنباط الحكم منه.

خامساً: هل يتوقف الاقتداء بالأفعال النبوية على معرفة أسبابها؟

منهج البحث:

يستخدم الباحث المنهج التحليلي من أجل تحليل ما استقرأه من النصوص والأفكار، مع الاهتمام بالمنهج الاستدلالي للتدليل على كل ما يطرحه الباحث من أفكار.

خطة البحث:

أما الخطة التي سيسير عليها الباحث- إن شاء الله- فهي تشمل النقاط التالية:



1- المقدمة.

2- أنواع السنة من حيث أثرها التشريعي.

3- اختلاف الفقهاء في نسبة بعض تصرفات الرسول  إلى أقسام السنة المتقدمة.

4- حكم ما يصدر عن النبي .

5- الموسعون لدائرة العفو.

6- حكم ما كُلّف به الرسول  .

7- طرق معرفة سبب الفعل.

8- هل يتوقف الاقتداء بالأفعال النبوية على معرفة أسبابها؟

9- نتائج البحث.



وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى أهله وصحبه وسلم،،





2- أنواع السنة من حيث أثرها التشريعي

إذا كانت السنة النبوية هي ما أثر عن رسول الله  من قول أو فعل أو تقرير، فإن سنته  على أنواع من حيث أثرها التشريعي، أومن حيث اعتبارها مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي.

وقد شغلت هذه التقسيمات للسنة النبوية الشريفة العلماء منذ بداية عصر تدوين العلوم.

فالإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت 276هـ) يقول: "والسنن عنده ثلاث: سنة أتاه بها جبريل عليه السلام عن الله تعالي كقوله- أي رسول الله- " لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها "( ).، و " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "( ). ، و " لا تحّرم المصة ولا المصتان "( ). ، و " الدية على العاقلة "( ). ، وأشباه هذه الأصول.

وسنة أباح الله فيها لنبيه أن يسنها، وأمره باستعمال رأيه فيها: فله أن يرخص فيها لمن شاء على حسب العلة والعذر، ومن ذلك إذنه في لبس الحرير لعبد الرحمن بن عوف لعلّة كانت به، واستثناؤه الإذخر من شجر مكة حين نهي عن تعضيد شجرها وأمثال هذه الأمور.

والسنة الثالثة: ما سنه رسول الله تأديباً لنا، فإذا نحن فعلناه، كانت الفضيلة في ذلك، وإن نحن تركناه، فلا جناح علينا إن شاء الله( ).

أما الإمام القرافي المالكي، فيقسم تصرفات الرسول إلى أربعة أنواع: تصرفات بالرسالة، وأخرى بالفُتيا، وثالثة بالحكم (يعني القضاء)، ورابعة بالإمامة( ).

• فتصرف الرسول بالرسالة والفتيا: هو تبليغ عن الله عز وجل، وهو في التبليغ بالرسالة: ناقل عن الحق للخلق. وفي تصرفه تبليغاً بالفتيا: مخبر عن الله تعالي بما يجد في الأدلة أنه حكم الله عز وجل. وكلا تصرفيه بالرسالة والفُتيا شرع يتقرر على الخلائق إلى يوم الدين، إذ ليس لرسول الله في هذا الشأن إلا التبليغ عن ربه الذي هو أصل وظيفته كرسول، فلم ينشئ هنا حكماً برأيه مرتباً على مصلحة معينة، وإنما بلّغ ما أوحي إليه أو ما تبين بيقين أنه حكم الله تعالي في أمر ما.

ومن أمثلة ذلك: الصلاة والزكاة وأنواع العبادات، وكون الملك يترتب على العقود من بيع وهبة وأمثالها.

• أما تصرفه بالحكم أو القضاء- فهو مغاير لهذين التصرفين الرسالة والفتيا السابقتين- التي نص  على أنه يقضي بها في الحديث( )، وهو صريح أن القضاء يتبع البينات، ورسول الله في هذا المقام ينشئ الحكم على المتخاصمين وإن كان متبعاً لأمر الله في إنشاء الأحكام وترتيبها بناء على ما ظهر له من الحجج والأسباب.

• أما تصرفه بالإمامة: فهو تصرفه في شئون السياسة العامة للدولة بما تقتضيه المصلحة، بعد أن فوضت إليه. ومن هذا النوع: قسمة الغنائم وتجهيز الجيش، وتوزيع الإقطاعات من الأراضي، وعقد المعاهدات، وتعيين الولاة في الأمصار والبلدان، وما إلى ذلك من الأمور.

وهذان النوعان من تصرفاته أو من سنته لا يجوز لأحد أن ينشئ الأحكام بناء عليها إلا أن يكون قاضياً في مثل المقام الذي قضي فيه رسول الله، أو حاكماً على رأس دولته أو جماعته فُوّضت إليه مصالحها وشئونها. وليس ما فعله رسول الله  في هذين القسمين ملزماً لكل قاض أو حاكم، وإنما كل قاض أو حاكم يتبعه ويقتدي به في المبدأ الأصلي وهو بناء الأحكام في القضاء على البينات والأسباب، وبناء التصرفات السياسية على ما يحقق مصالح الأمة ومنافعها،وذلك معني قوله تعالي  • •   ( ).

يقول الإمام القرافي- رحمة الله- (… ثم تصرفاته  بهذه الأوصاف تختلف آثارها في الشريعة، فكل ما قاله  أو فعله على سبيل التبليغ، كان ذلك حكماً عاماً على الثقلين إلى يوم القيامة، وإن كان منهياً عنه اجتنبه كل أحد بنفسه. وكل ما تصرف فيه  بوصف الإمامة، لا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بإذن الإمام، اقتداء به ، ولأن سبب تصرفه فيه بوصف الإمامة دون التبليغ يقتضي ذلك، وما تصرف فيه  بوصف القضاء، لا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بحكم حاكم يقتضي ذلك"( ).

وقد أورد القرافي السؤال الخامس والعشرين وهو: " ما الفرق بين تصرفات رسول الله  بالفتيا والتبليغ، وبين تصرفه بالقضاء، وبين تصرفه بالإمامة؟ وهل آثار هذه التصرفات مختلفة في الشريعة والأحكام أو الجميع سواء في ذلك؟ وهل بين الرسالة وهذه الأمور الثلاثة فرق؟ أو الرسالة عين الفتيا؟ …."( ).

ثم أورد الجواب على هذا السؤال فقال: " إن تصرف رسول الله بالفتيا، هو إخباره عن الله تعالي بما يجده في الأدلة من حكم الله تبارك وتعالي، وتصرفه  بالتبليغ هو مقتضى الرسالة. والرسالة هي أمر الله تعالي له بذلك التبليغ، فهو  ينقل عن الحق الخالق في مقام الرسالة، ما وصل إليه عن الله تعالي، فهو في هذا المقام مبلغ وناقل عن الله تعالي، وورث عنه  هذا المقام المحدثون رواة الأحاديث النبوية وحملة الكتاب العزيز لتعليمه للناس، كما ورث المفتي عنه  الفتيا.

وكما ظهر الفرق لنا بين المفتي والراوي، فكذلك يكون الفرق بين تبلغيهعن ربه وبين فتياه في الدين، والفرق هو الفرق بعنيه، فلا يلزم من الفتيا الراوية، ولا من الراوية الفتيا، من حيث هما رواية وفتيا.

وأما تصرفه  بالحكم (القضاء)، فهو مغاير للرسالة والفتيا، لأن الفتيا والرسالة تبليغ محض واتباع صرف، والحكم إنشاء وإلزام من قبله  بحسب ما يسنح من الأسباب والحجاج، ولذلك قال  فيما حدثت به أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله في مواريث بينهما قد درست ليس عندهما بينة إلا دعواهما في أرض قد تقادم شأنها، وهلك من يعرف أمرها، فقال لهما رسول الله : " إنكم تختصمون إلىّ، وإنما أنا بشر، ولم ينزل علىّ فيه شيء، وإني إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علىّ فيه، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأحسب أنه صادق فأقضي له، فإني أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار يطوق بها من سبع أرضين، يأتي بها سطاماً( ). في عنقه يوم القيامة، فليأخذها أو ليدعها "( ).

دل ذلك على أن القضاء يتبع الحجاج وقوة اللحن بها.فهو  في هذا المقام منشئ، وفي الفتيا والرسالة مُتّبع مُبلّغ، وهو في الحكم أيضاً متبع لأمر الله تعالي له بأن ينشئ الأحكام على وفق الحجاج والأسباب، لا أنه مُتّبع في نقل ذلك الحكم عن الله تعالي، لأن ما فُوض إليه من الله تعالي لا يكون منقولاً عن الله تعالي.

وأما تصرفه  بالإمامة، فهو وصف زائد على النبوة والرسالة والفتيا والقضاء، لأن الإمام هو الذي فُوضت إليه السياسة العامة في الخلائق، وضبط معاقد المصالح، ودرء المفاسد، وقمع الجناة، وقتل الطغاة، وتوطين العباد في البلاد، إلى غير ذلك مما هو من هذا الجنس.

وهذا ليس داخلاً في مفهوم الفتيا، ولا الحكم، ولا الرسالة، ولا النبوة، لتحقق الفتيا بمجرد الإخبار عن حكم الله تعالي بمقتضى الأدلة، وتحقق الحكم بالتصدي لفصل الخصومات دون السياسة العامة، فصارت السلطة العامة- التي هي حقيقة الإمامة- مباينة للحكم من حيث الحكم.

وأما الرسالة فليس يدخل فيها إلا مجرد التبليغ عن الله تعالي، وهذا المعني لا يستلزم أنه فوُض إليه السياسة العامة، فكم من رسل الله تعالي على وجه الدهر قد بعثوا بالرسائل الربانية، ولم يطلب منهم غير التبليغ لإقامة الحجة على الخلق من غير أن يؤمروا بالنظر في المصالح العامة….. وأما آثار هذه الحقائق في الشريعة فمختلفة:

فما فعله-  - بطريق الإمامة، كقسمة الغنائم، وتفريق أموال بيت المال على المصالح، وإقامة الحدود، وترتيب الجيوش، وقتال البغاة، وتوزيع الإقطاعات في القرى والمعادن، ونحو ذلك، فلا يجوز لأحد الإقدام عليه إلا بإذن إمام الوقت الحاضر، لأنه  إنما فعله بطريق الإمامة، وما استبيح إلا بإذنه، فكان ذلك شرعاً مقرراً لقوله تعالي  •   ( ).

وما فعله عليه الصلاة والسلام بطريق الحكم، كالتمليك بالشفعة، وفسوخ الأنكحة والعقود، والتطليق بالإعسار عند تعذر الإنفاق، والإيلاء والفيئة، ونحو ذلك، فلا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بحكم الحاكم( ). في الوقت الحاضر، اقتداء به  لأنه لم يقرر تلك الأمور إلا بالحكم، فتكون أمته بعده  كذلك.

وأما تصرفه- عليه الصلاة والسلام- بالفتيا والرسالة والتبليغ فذلك شرع يتقرر على الخلائق إلى يوم الدين، يلزمنا أن نتبع كل حكم مما بلّغه إلينا بسببه، من غير اعتبار حكم حاكم، ولا إذن إمام، لأنه  مُبلّغ لنا ارتباط ذلك الحكم بذلك السبب، وخلّى بين الخلائق وبين ربهم، ولم يكن منشئاً لحكم من قِبَله ولا مُرتباً له برأيه على حسب ما اقتضته المصلحة، بل لم يفعل إلا مجرد التبليغ عن ربه، كالصلوات والزكوات وأنواع العبادات، ثم تحصيل الأملاك بالعقود من البياعات والهبات وغير ذلك من أنواع التصرفات، لكل أحد أن يباشره ويحصل سببه، ويترتب له حكمه من غير احتياج إلى حاكم ينشئ حكماً، أو إمام يجدد إذناً"( ).

هكذا عرض القرافي( ). قضية تقسيم السنة النبوية إلى تشريعيه: وهو ما تعلق من السنة بالرسالة والتبليغ وبالفتيا في موضوعات الرسالة.

وإلى سنة غير تشريعية: وهي التي تمثل إنشاء الرسول  باجتهاده في فروع المتغيرات الدنيوية، التي لم يرد فيها وحي ولا شرع إلهي، بميادين ممارساته لشئون الإمامة- الدولة- والحكم والقضاء.

وكيف أن أحكام السنة التشريعية ماضية، دون أن يتوقف إمضاؤها على حكم حاكم- أي قضاء قاض- جديد، ولا إذن إمام جديد، بينما أحكام السنة غير التشريعية لابد وأن يستأنف فيها الاجتهاد الجديد بواسطة القضاء المعاصر وإمام الوقف الحاضر، لتبين مدى توافر شروط إعمال أحكامها، فإذا توافرت أمضيت هذه الأحكام، وإلا أثمر الاجتهاد الجديد حكماً جديداً يتغيا تحقيق المصالح والمقاصد الإسلامية، التي هي الحكمة والعلة الغائية من وراء هذه الأحكام.

هذا، وينبغي أن لا توسع دائرة ما صدر عنه  من التصرفات بوصفها جبليٍةَ، لأن الصفة الغالبة على أحواله هي الصفة التشريعية، ولا يُعدل عن هذا الأصل إلى خلافه إلا بدليل.

ونجد أيضاً تقسيم السنة إلى تشريعية وغير تشريعية عند المحدث والفقيه الأصولي ولي الله الدهلوي( )، حيث يسميها (علوم النبي )، ويقسمها إلى قسمين:

أ‌) ما سبيله تبليغ الرسالة: ويشمل علوم الآخرة وعجائب الملكوت، وشرائع وضبط العبادات، وبعضها وحي، وبعضها اجتهاد مبني على ما علّمه الله من مقاصد الشرع، فهو بمنزلة الوحي، والموقف من هذا القسم هو: التزام ما فيه من أحكام.

ب‌) وما ليس من باب تبليغ الرسالة، أو الاجتهاد المؤسسي على الوحي، ويشمل علوم الدنيا، وسياسة المجتمع والدولة وأحكام القضاء، وهذا القسم من السنة النبوية هو اجتهاد نبوي، يستأنف فيه ومعه الاجتهاد الجديد، الذي قد يفضي إلى أحكام جديدة تقتضيها الحِكَم والعلل الغائبة والمصالح الجديدة على النحو الذي ضربنا له وعليه الأمثال.

يقول الدهلوي تحت باب بيان أقسام علوم النبي : " اعلم أن ما روى عن النبي  ودُوّن في كتب الحديث على قسمين: أحدهما: ما سبيله سبيل تبليغ الرسالة، وفيه قوله تعالي:          ( ). ومنه: علوم المعاد وعجائب الملكوت، وهذا كله مستند إلى الوحي( ). ومنه: شرائع وضبط للعبادات والارتفاقات( ) بوجوه الضبط المذكورة فيما سبق، وهذه بعضها مستند إلى الوحي، وبعضها مستند إلى الاجتهاد. واجتهاده  بمنزلة الوحي، لأن الله تعالي عصمه من أن يتقرر رأيه على الخطأ، وليس يجب أن يكون اجتهاده استنباطاً من المنصوص كما يظن، بل أكثره أن يكون علمه الله تعالي مقاصد الشرع وقانون التشريع والتيسير والأحكام، فبيّن المقاصد المتلقاة بالوحي، بذلك القانون، ومنه: حكم مرسلة ومصالح مطلقة لم يوقتها، ولم يبين حدودها، كبيان الأخلاق الصالحة وأضدادها، ومستندها غالباً الاجتهاد، بمعني أن الله تعالي علمه قوانين الارتفاقات، فاستنبط منها حكمة، وجعل فيها كلية، ومنه: فضائل الأعمال ومناقب العمال، وأري أن بعضها مستند إلى الوحي، وبعضها مستند إلى الاجتهاد، وقد سبق بيان تلك القوانين، وهذا القسم هو الذي نقصد شرحه وبيان معانيه.

وثانيهما: ما ليس من باب تبليغ الرسالة، وفيه قوله  " إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر"( ). وقوله  في قصة تأبير النخل: " فإني إنما ظنت ظناً، ولا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به، فإني لم أكذب على الله "( ). ومنه الطب، ومنه باب قوله : " عليكم بالأدهم الأقرح "( ).، ومستنده التجربة، ومنه: ما فعله النبي  على سبيل العادة دون العبادة، وبحسب الاتفاق دون القصد، ومنه: ما ذكره كما كان يذكره قومه، كحديث أم زرع( )، وحديث خرافة، وهو قول زيد بن ثابت حيث دخل عليه نفر، فقالوا له: حدّثنا أحاديث رسول الله ، قال: " كنت جاره، فكان إذا نزل عليه الوحي، بعث إلىّ، فكتبته له، فكان إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، فكل هذا أحدثكم عن رسول الله  "( ). ومنه ما قصد به مصلحة جزئية يومئذ وليس من الأمور اللازمة لجميع الأمة، وذلك مثل ما يأمر به الخليفة من تعبئة الجيوش وتعيين الشعار( )، وهو قول عمر رضي الله عنه: ما لنا وللرّمل منا نتراءى( )به قوماً قد أهلكهم الله، ثم خشي أن يكون له سبب آخر، وقد حمل كثير من الأحكام عليه كقوله : " من قتل قتيلاً فله سلبه "( ). ومنه حكم وقضاء خاص، وإنما كان يتبع فيه البينات والأيمان، وهو قوله  لعلى رضي الله عنه: " الشاهد يرى ما لا يراه الغائب " ( )( ).

هكذا عرض الدهلوي قضية السنة وأنواعها حيث قسمها إلى سنة تشريعية وتشمل تصرفه  بالرسالة، واجتهاده المبني على ما علّمه الله من مقاصد الشرع. وحكمه: التزام ما فيه من أحكام.

وسنة غير تشريعية وتشكل تصرفه بالإمامة وتصرفه بالقضاء، وحكمه: ليس ملزماً، وإنما يتم التصرف بناء على ما يحقق مصالح الأمة ومنافعها.

يتضح لنا مما سبق أن النبي  قام في حياته بأدوار مختلفة في البيئة الاجتماعية التي كان واحداً من أفرادها، وكان في كل دور من تلك الأدوار قدوة لمن يأتي بعده  ممن يمثل ذلك الدور وكان كثير من هذه الأدوار ممتزجاً بعضه ببعض في شخصه  والتصرف الذي كان يتصرفه كان ينتمي إلى واحد أو أكثر من هذه الجهات من شخصه الشريف  .

والاقتداء به  في فعل من أفعاله يكون صحيحاً إذا كان المقتدى به مساوياً في الجهة التي صدر عنها ذلك الفعل.

فالتصرفات الصادرة عنه بوصفه رئيس الدولة، يقتدي به فيها من كان بعده رئيس دولة، وما فعله بوصفه مُفتياً، يقتدي به فيه المفتي، وما فعله بوصفه قاضياً، يقتدي به فيه القاضي، وما فعله إماماً في الصلاة، يقتدي به فيه الأئمة بعده.

والحكمة من جمعه  لهذه المناصب وفائدتها من جهة التبليغ: أن وظيفة النبي ومهمته التي حددت في القرآن ليست مقصورة على التبليغ، بل منها التعليم والتزكية أيضاً، وذلك يتم بأن ما بلغه  بالقول، مطّبقاً تطبيقاً حيّاً مشاهداً، ليحصل تمام الإدراك والتعقل لما يبلغه بالقول.

" فحصل بجمعه  منصب القضاء إلى منصب الرسالة، البيان الفعلي لما يراعي في القضاء من الأحكام الشرعية. وبجمعه منصب الإفتاء إلى منصب الرسالة، البيان الفعلي لما يراعيه المفتي عند إصداره الفتيا. وبجمعه إمامة الصلاة البيان الفعلي كذلك. وكذلك يقال في الإمامة العامة والإدارة، وما سواها من المناصب "( ).

وكان هذا أظهر في الحكمة من أن يكون متوليّاً منصب الرسالة وحده، إذ لا تبين حينئٍذ الأحكام الشرعية المتعلقة بسائر المناصب إلا قولاً فقط.



مواقف للصحابة تدل على صحة التقسيم السابق للسنة:

ومما يؤيد ما ذكرناه ويعضده أن أصحاب رسول الله  وهم حملة الشريعة والقائمون عليها من بعده، غيروا بعض السنن المروية عن الرسول لما تغيرت الظروف، لعلمهم أنها صدرت عنه  ملاحظاً فيها حال الأمة ومقتضيات البيئة زمن التشريع، دون أن تكون شرعاً لازماً عاماً في كل حال، ولولا ذلك ما غيروا، ونحن نعيذهم جميعاً من أن يخالفوا حديث رسول الله وهم يعلمون أنه دين عام وتشريع لازم لكل الناس في جميع الحالات، وكيف يتصور أن يقع ذلك منهم وهم أحرص الناس على اتباع هدى الرسول  ، وترسم خطاه( ).

فمن هذه الأمثلة: ما جاء في شأن الدية في القتل، حيث نص القرآن الكريم عليها     ( ). ولم يحدد مقدارها، فعرضت السنة لهذا المقدار بالبيان حين حدده رسول الله  بمائه من الإبل، كما جاء في كتابه إلى أهل اليمن: " …. وأن في النفس الدية مائة من الإبل ….. "( ). وجعلها رسول الله  على عاقلة الجاني، أي عشيرته التي ينتمي إليها من قبيلته. فكان الأصل في الدية مائة من الإبل، ولكنها قدرت في بعض الأحيان بسنة رسول الله أيضاً، لتغير أهل الإبل، فقدرها ثمانمائة دينار لمن يتعاملون بالذهب أو عدلها من الورق (الفضة) ثمانية آلاف درهم.

فلما فتحت الفتوح ودخل في الإسلام من البلدان ما لا يتعامل أهلها بالإبل أو الذهب والورق، كان ما رواه محمد بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن عمر لما استخلف خطب الناس فقال: إن الإبل قد غلت، وجعل الدية على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الغنم ألف شاة، وعلى أهل الحلل مائة حلة "( ). ثم إن عمر رضي الله عنه لما دون الدواوين رأي أن التناصر بين الناس أصبح بالديوان، بعد أن كان بالقرابة والقبيلة، فنقل الدية إلى أهل الديوان يحملونها عمن تجب عليه ممن هو معهم فيه.

ولعل هذا هو سّر ما قرره فقهاء الأحناف من أنه لو أصبح التناصر بشيء آخر كالحرفة مثلاً، وجب نقل الدية إليه، إذ العلة فيها التناصر، فأي رابطة كان بها التناصر انتقلت الدية إلى أصحابها( ).

ومن هذا الباب: تحديد رسول الله  زكاة الفطر بصاع من تمر أو صاع من شعير أو صاع من زبيب، بناء على ما كان من أطعمتهم يومئذ، إذ المقصود من زكاة الفطر هو إغناء الفقير يوم العيد عن السؤال، وكانت قيمة الصاع من كل هذه الأشياء قريباً بعضها من بعض.

ولما رأي معاوية- حين ولي الشام- جودة قمحها، وأنه يزيد في قيمته عن الزبيب والشعير والتمر، قال في خطبة له: " أري مُدّين من سمراء الشام (يعني قمحها) تعدل صاعاً من تمر "( ).

فأخذ الناس بهذا، وساروا على أن الواجب صاع من تمر أو من زبيب أو شعير، أو نصف صاع من قمح أو دقيقه( ).

ومن ذلك أيضاً: ما رواه أبو داود بسنده أن رسول الله  قال: " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن لا يخرجن تفلات "( ). أي مُتطيبات. واستمر العمل بالإذن النبوي في الخروج للمساجد حتى تغّير حال الناس، ففكر بعض الفقهاء- من الصحابة- في منعهم، ودارت مناقشة بين الراغبين في المنع وبين المصرين على الإذن، فيقول عبد الله بن عمر- وكان على رأس المصرين على الإذن- ائذنوا للنساء بالخروج فقد أذن لهن رسول الله ، فيرد عليه ابنه واقد قائلاً: " والله لا نأذن لهم فيتخذنه دغلاً "، وتؤيد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وجهة نظر المانعين فتقول: " لو أدرك رسول الله  ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل "( ).

وعبارة ابن عمر " ائذنوا لهن " تفيد أن المنع كان قد وقع بالفعل، وتأييد عائشة رضي الله عنها له يدل بصراحة على أنها فهمت إذن رسول الله  مقُيداً بعدم ترتب مفسدة عليه، فلما حدثت المفسدة- أو خشي وقوعها- ما تحرجت وهي من هي تمسكاً بسنة رسول الله  من أن تقول ما قالت معللة رأيها بدفع المفسرة التي ترتبت على ما أحدثته النساء بعد الرسول .

ولو كان هذا شرعاً دائماً لما ساغ للسيدة عائشة رضي الله عنها مخالفته، وإنما كان الشرع الدائم هو تحقيق مصلحة الأمة التي ما بعث الله الرسل- في أي أمة كانوا- إلا لتحقيقها، فأينما تبين وجهها فثم شرع الله ودينه.

ولعل من أوضح الأمثلة أيضاً: ما فعله عمر رضي الله عنه في أرض العراق حين فتحها الله على المسلمين، وقد طال النزاع بين الفقهاء والمفسرين في تأويل فعله وتصحيحه( ).

لكن المقصود هنا هو بيان أن عمر فعل شيئاً لم يفعله رسول الله  لما خشي أن يرتب فعله مثل فعل رسول الله مفسدة أو إضراراً بالمسلمين، وذلك أن رسول الله  لما فتح الله عليه خيبر عنوة قسمها بين المسلمين قسمة الغنائم.

فلما فتحت العراق، شاور عمر الصحابة من المهاجرين الأولين فاختلفوا عليه، فمن قائل تقسّم كما قسّم رسول الله  خيبر، ومن قائل ترى فيها رأيك، وقد كان رأيه أن تصبح من أملاك المسلمين العامة، يجبي خراجها فتسد منه حاجتها، ويفيض ما يعين على قضاء وظيفة بيت المال العام. فاستشار بعدهم عشرة من كبار الأنصار فوافقوه على رأيه، فترك عمر الناس يتشاورون يومين أو ثلاثة حتى كان آخر أمرهم أن وافقوه على رأيه.

وقد روى أبو يوسف في كتابه " الخراج "( ). قصة أرض العراق هذه بعبارات تفيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى أنها أرض مفتوحة فهي غنيمة للمسلمين، فحكمها حكم المغنم وهو التقسيم أخماساً. ولكنه رأى أن ذلك يضر بمن يأتي بعد جيله من أبناء المسلمين، فقد كان يقول لمن يحاجونه " فكيف بمن يأتي بعدكم " يريد أن مصلحة الأمة الدائمة في الأخذ برأيه .. وقد صرح بذلك فيما يروى البخاري عنه قوله " والله لولا أن يُترك آخر الناس بياناً ليس لهم شيء ما فتح الله عز وجل على المسلمين قرية إلا قسمتها سهاماً كما قسمت خيبر، ولكن أتركها خزانة لهم يقتسمونها "( ).

ولا يشمل فهم الصحابة رضي الله تعالي عنهم لهذه الأنواع من سنته الشريفة إلا ما كان مُتعلقاً منها بالتشريع غير الملزم الذي ينبني على مصالح الأمة ومنافعها، أما ما كان من سنة النبي  متعلقاً بالعبادات والأخلاق والآداب والغيب، فذلك كله من باب الموحي الذي لا يقال بالرأي، إنما هو تشريع ملزم.

ومن ثم فالواجب فيه مادلّ عليه نص الحديث من إيجاب الفعل، أو الندب إليه، أو تحريمه، أو كراهته، أو التصديق بالخبر الوارد عن رسول الله  في الأمور الكونية والغيبية وأمثالها.

3- اختلاف الفقهاء في نسبة بعض تصرفات الرسول 

إلى أقسام السنة المتقدمة.

وبناء على هذا التقسيم السابق واختلاف حقائق تلك الأقسام وتنوع آثارها التشريعية، وعدم وجود تحديد قاطع لكل نوع، اختلف الفقهاء في بعض تصرفات الرسول  ، هل يُعد من قسم الفُتيا والرسالة أم من قسم الإمامة والحكم؟ واتفقوا في ما وراء ذلك على بعض ما هو من كل قسم.

وقد ضرب القرافي ثلاثة أمثلة لاختلاف الأئمة في تحديد نوع بعض تصرفاته  نتيجة لاختلافهم في الفهم( )..

المثال الأول: قوله  " من أحيا أرضاً ميتة فهي له "( ). اختلف العلماء في هذا القول، هل تصرف بالفتوى فيجوز لكل أحدٍ أن يحيى دون إذن الإمام في ذلك الإحياء أم لا؟ وهو مذهب مالك الشافعي رضي الله عنهما. أو هو تصرف منه  بالإمامة فلا يجوز لأحد أن يحيى إلا بإذن الإمام، وهو مذهب أبي حنيفة رحمة الله "( ).

ومذهب مالك والشافعي في الإحياء أرجح، لأن الغالب في تصرفه  الفتيا والتبليغ، والقاعدة أن الدائر بين الغالب والنادر، إضافته إلى الغالب أولى.

المثال الثاني: قوله  لهند بنت عتبة، امرأة أبي سفيان لما قالت له : إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وولدي ما يكفيني، فقال لها : "خذي لكِ ولولدكِ ما يكفيك بالمعروف "( ).

اختلف العلماء في هذه المسألة وهذا التصرف منه  هل هو بطريق الفتوى، فيجوز لكل من ظفر بحقه أو بجنسه أن يأخذه بغير علم خصمه به. ومشهور مذهب مالك خلافه، بل هو مذهب الشافعي. أو هو تصرف بالقضاء، فلا يجوز لأحد أن يأخذ جنس حقه، أو حقه إذا تعذر أخذه من الغريم إلا بقضاء قاضٍ؟ حكي الخطابيُّ القولين عن العلماء في هذا الحديث.

حجة من قال: إنه بالقضاء، أنها دعوى في مال معين، فلا يدخله إلا القضاء، لأن الفتاوى شأنها العموم.

وحجة القول بأنها فتوى، ما روى أن أبا سفيان كان بالمدينة، والقضاء على الحاضر من غير إعلام ولا سماع حجة لا تجوز، فيتعين أنه فتوى. وهذا ظاهر الحديث.

المثال الثالث: قوله  : " من قتل قتيلاً فله سلبه "( ). اختلف العلماء في هذا الحديث، هل تصرف فيه  بالإمامة، فلا يستحق أحدُ سلب المقتول إلا أن يقول الإمام ذلك، وهو مذهب مالك رحمه الله، فخالف أصله فيما قاله في الإحياء، وهو غالب تصرفه  بالفتوى، فينبغي أن يحمل على الفتيا عملاً بالغالب.

وسبب مخالفته لأصله أمور منها: أن الغنيمة أصلها أن تكون للغانمين، لقوله تعالي"       •   ( ). وإخراج السلب من ذلك خلاف هذا الظاهر( ).

ومنها أن ذلك ربما أفسد الإخلاص عند المجاهدين، فيقاتلون لهذا السبب دون نصر كلمة الإسلام، ومن ذلك أنه يؤدى إلى أن يقبل على قتل من له سلب دون غيره فيقع التخاذل في الجيش، وربما كان قليل السلب أشد نكاية على المسلمين، فلأجل هذه الأسباب تُرك هذا الأصل.

وعلى هذا القانون، وهذه الفروق يتخّرج ما يرد عليك من هذا الباب من تصرفاته ، فتأمل ذلك فهو من الأصول الشرعية( ).

فهذه التقسيمات كلها، والخلاف حولها بين الأئمة الفقهاء يدل في وضوح أن ما ورد عن الرسول  ليس كله تشريعاً لازماً للأمة في كل حين، بل منه ما هو كذلك، وهو الأغلب، لأن وظيفته الأولي  هي التبليغ.

ومنه ما هو قضاء وحكم بني علي ما قام عنده من الدلائل والبينات وهي وقائع جزئية يشير إليها الفقهاء كثيراً في مناقشاتهم بقولهم قضية عين لا عموم لها.

4- حكم ما يصدر عن النبي 

ما صدر عن النبي إما أن يكون بناء على التكليف، أو عدم التكليف، لذلك اختلف علماء الأصول في هذه المسألة إلى فريقين:

الفريق الأول:

رأى الشريعة حاكمة على جميع أفعال العباد، فلا يخلو فعل منها عن حكم شرعي، " فما من عمل يُفرض، ولا حركة، ولا سكون يدَّعي، إلا والشريعة حاكمة عليه إفراداً وتركيباً "( ). وقد أحاطت الشريعة بالأفعال إحاطة تامة، فلم يشذ منها شيء.

وممن قال بهذا الإمام الشافعي، وابن السمعاني. قال ابن السمعاني:

لابد أن يكون لله تعالي في كل حادثة حكم، إما بتحليل أو بتحريم "( ). وقال: "إنا نعلم قطعاً أنه لا يجوز أن تخلو حادثة عن حكم لله تعالي منسوب إلى شريعة نبينا محمد "( ).

الفريق الثاني:

يرى أن الشريعة جاءت بأحكام معينة في أفعال معينة، أراد الله عز وجل أن تكون تلك الأحكام هي الدين، وترك ما سوى تلك الأفعال المعينة، فلم يتعّرض له، لا بأمر ولا نهي، ولا بتحليل ولا بتحريم، بل أبقاه على ما كان عليه قبل ورود الشريعة.

وأفعال العباد على هذا قسمان: قسم فيه حكم شرعي، وقسم آخر خارج عن نطاق الشريعة وهو ما يسمي بالعفو.

وقد توقف الشاطبي في إثبات مرتبة العفو ولم يرجح أحداً من المذهبين( ).

أدلة الفريق الأول: يحتج للمذهب الأول بأدلة:

1) لو لم تكن أفعال المكلفين بجملتها داخله تحت خطاب التكليف، لكان بعض المكلفين خارجاً عن حكم التكليف، ولو في وقت أو حالة ما، لكن ذلك باطل، لأنا فرضناه مكلفاً فلا يصح خروجه( ).

2) قوله تعالي:  •      ( ).، وقوله      (4).

ووجه الاستدلال بالآية الأولي: أن الكتاب تبيان لكل شيء، وتدخل أفعال العباد دخولاً أوليّاً، إذ إن ضبطها حسب أوامر الله، هو المقصود الأول من نزول القرآن، فينبغي أن يكون في الكتاب بيان أحكامها جميعاً(5).

أدلة الفريق الثاني:

1) ورد في حديث سلمان الفارسي عن النبي  أنه سئل عن الجبن والسمن والفراء، فقال: " الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفي عنه "(6).

2) وقال ابن عباس: " كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء، ويتركون أشياء تقُذّراً، فبعث الله نبيه  وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه. فما أحلّ فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو( )، وتلا ا         •    ….( ). إلى آخر الآية

3) وعن أبي ثعلبة أن النبي  قال: " إن الله حدّ حدوداً فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها، وترك أشياء من غير نسيان من ربكم، ولكن رحمه منه لكم فاقبلوها ولا تبحثوا عنها "( ).

4) قول النبي : " إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته "( ).

ولهذا الحديث شاهد، ما ذكره الله في قصة بقرة بني إسرائيل حين أكثروا من السؤال، فشدّد الله عليهم، فقد كان اللون خارجاً عن المحكوم فيه أصلاً، وإلا لم يؤاخذهم بالسؤال عنه.

5) نهي النبي عن كثرة السؤال، ولومه من فعل ذلك ولو كان لكل شيء حكم شرعي لما كان السائل عنه ملوماً.

ومما ورد من ذلك للنهي " ذرونى ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم "( ).

والذي يميل إليه الباحث، رأى الفريق الثاني؛ لأن أدلته أقوى، حيث نصت الأحاديث على مرتبة العفو في المسكوت عنه، في حين أن الفريق الأول استدل بآيتين عامتين.

كما أن أحكام الشريعة طائفة محدودة من الأحكام، سواء أكانت مستفادة بالنص أو الاجتهاد، وما لم يدل عليه دليل صحيح، يكون خارجاً عن جملة الأحكام أصلاً، والله أعلم وأحكم.

1- الموسعون لدائرة العفو

ذهب فريق( ). من العلماء المعاصرين إلى أن السنة غير التشريعية تشمل كثيراً من المعاملات، وهذا القول في حاجة إلى تحقيق.

فمثلاً الأكل والشرب كلام عام يشمل المأكول والمشروب، والأواني والهيئة أو الكيفية، فأخذ الكلام على عمومه يحتاج إلى تفصيل.

هل بيان المأكول والمشروب المحرم والمكروه والمباح من السنة غير التشريعية؟ هل حديث " أحل لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد والدم والطحال"( ). سنة غير تشريعية؟ إن رسول الله  أحل لنا الطيبات، وحرّم علينا الخبائث. فالمأكول والمشروب سنة تشريعية من حيث الحل والحرمة، أما أنه  أكل نوعاً من الحلال، وترك غيره يأكل نوعاً آخر، فالتشريع فيها الإباحة، إباحة ما أُكل وما لم يأكل مما لم ينه عنه.

وأما الأواني فقد نهي  عن الأكل والشرب في صحاف الذهب والفضة، وهذا تشريع. أما أنه  أكل في قصعة من الفخار، ونحن نأكل في الأواني الفاخرة غير الذهبية والفضية، فهذا من المباحات والإباحة تشريع.

وأما الهيئة، فهناك هيئات مأمور بها، وهيئات منهي عنها، وهيئات أخرى كثيرة مباحة، والكل تشريع. قول الرسول: " يا غلام: سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك "( ). هيئة أكل مشروعة. " ونهي الرسول  عن اختناث الأسقية"( ). أي الشرب من أفواها ممنوعة شرعاً.

أما أنه  أكل بأصابعه ويده، ونحن نأكل بالملاعق والشوك والسكاكين، فهو من المباحث المشروعة( ).

ومثل ذلك يُقال في النوم واللبس، وكل ما هو خاص بالحاجة والطبيعة البشرية، حتى قضاء الشهوة مع الزوجة له قواعده وأصوله وحدوده الشرعية( ).

فكل من هذه الأمور منها الواجب شرعاً، ومنها المحرم والمكروه والمندوب والمباح.

وعمده أدلة هذه الفريق حديث تأبير النخل الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه. عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: مررت مع رسول الله  بقوم على رؤوس النخل، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقالوا: يلقحونه، يجعلون الذكر في الأنثى فتلقح( ). فقال رسول الله : ما أظن يغني ذلك شيئاً، قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله  بذلك، فقال إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظناً، فلا تؤاخدوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به، فإني لم أكذب على الله عز وجل "( ).

وعن رافح بن خديج قال: " قَدِم نبي الله  المدينة وهم يؤبرون النخل، قال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه. قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً، فتركوه، فنفضت. قال: فذكروا ذلك له، فقال: إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر "( ).

وعن أنس: أن النبي  مر بقوم يلقحون، فقال: لو لم تفعلوا لصلح. قال فخرج شيصاً، فمر بهم، فقال ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا. قال: " أنتم أعلم بأمر دنياكم "( ).

فإذا أريد إدخال المباحات من الأكل والشرب والنوم واللباس والمشي والجلوس في حديث " أنتم أعلم بشئون دنياكم " فلا بأس، حتى في المعاملات، كل إنسان أعلم بشئون دنياه في الأمور المباحة.

لكن إدخال المعاملات الممنوعة شرعاً تحت هذا الحديث، فلا يجوز شرعاً. وحديث تأبير النخل يدخل تحت الأعمال البشرية التي تكتسب عن طريق العلم والتدريب والممارسة، كالزراعة والنجارة والحياكة، ونحو ذلك مما يتخصص فيه ويجيده بعض البشر.

فهذه الأمور ليست من مهمة الرسالة، وليست من مهمة الرسول ، ولا من مؤهلاته أن يكون ماهراً فيها. فإذا ما تكلم  مع الخبراء فيها فكلامه مبني على الظن الذي قد يخطئ كأي إنسان غير مُتخصص، ولهذا جاء في بعض روايات الحديث: " إنما أنا بشر " ، " إنما ظننت ظنا ".

" أنتم أعلم بشئون دنياكم " جملة تقسم إلى ثلاثة مقاطع( ):

" أنتم " والمراد من المخاطبين، و " أعلم " والمراد من المفضل عليه،

و"شئون دنياكم " وتحديد المراد منها.

وبعبارة أخرى: مَنْ ؟ أعلم مِنْ مَنْ ؟ وبأي شيء هم أعلم؟ أما المقطع الأول: فالخطاب الشرعي عند الأصوليين هو أصالة لمن سمعوا الخطاب، وقد يقصر عليهم إذا كان التكليف لهم وحدهم، كقوله تعالي:                     ( ).فالخطاب هنا لجنود طالوت لا يتعداهم إلى غيرهم.

وقد يُراد بالتكليف غيرهم معهم، كقوله تعالي: :    ، فالتكليف قطعاً موجه للسامعين ولغير السامعين من المسلمين المعاصرين وغير المعاصرين إلى يوم القيامة.

لكن غير السامعين، هل هم مكلفون بالخطاب والنص؟ على معني أقيموا الصلاة يا من يتأتى خطابكم بهذا التكليف في أي زمان وفي أي مكان. أو مكلفون بالقياس على السامعين؟ قولان عند الأصوليين.

فالخطاب في الحديث " أنتم " للعشرة أو العشرين الذين كانوا يلقحون النخل بالمدينة أصالة، وحين يراد غيرهم معهم يبحث في المقصود بهذا الغير ليعطي الحكم نفسه.

و " أعلم " أفعل تفضيل، فهل المفضل عليه رسول الله ؟ كأنه قال: "أنتم أعلم مني "، أو هو ومن على شاكلته ممن يجهل هذا الشيء، أو المفضل عليه من عدا المخاطبين أصلاً، أي أنتم أعلم من كل الناس

و " شئون دنياكم " هل المراد بها مصلحة النخل فقط؟ أو مصلحة النخل وما على شاكلتها من المهن والخبرات؟ أو كل شئون الدنيا فتدخل المعاملات.

لنتصور الاحتمالات، ثم نختار منها ما يصلح لأن يكون مراد المشرع الحكيم:

الاحتمال الأول: أنتم أيها الذين تلقحون النخل أعلم بما يصلح النخل مني وممن لا علم له بالزراعة، أي أنتم أعلم بشئون دنياكم هذه التي تباشرونها، والتي لم تنجح فيها مشورتي، أعلم منى ومن مثلي. فالحديث على هذا واقعة عين أو واقعة حال، لا يستدل بها على غيرها أصلاً.

الاحتمال الثاني: أنتم أيها الذين تلقحون النخل ومن على شاكلتكم من أهل الصناعات والمهارات والخبرات أعلم بصنائعكم مني، وممن ليس من أهل الصناعات. والكلام على التوزيع، على معني: أن كل أهل صنعة أعلم بها ممن ليسوا من أهلها، كما يقال: أهل مكة أدرى بشعابها.

الاحتمال الثالث: أنتم أيها الذين تلقحون النخل بالمدينة أعلم بما يصلح النخل مني ومن غيركم من زارعي النخل في البلاد والأزمان المختلفة. وهذا الاحتمال واضح البطلان، ففي بعض البلاد وفي بعض الأزمان من هم أعلم منهم بذلك.

الاحتمال الرابع: أنتم أيها الذين تلقحون النخل بالمدينة أعلم بالخبرات والصناعات المختلفة مني ومن غيري، حتى من أهل الصناعات أنفسهم، على معني أنتم أعلم بالطب مثلاً مني ومن الأطباء. وهذا الاحتمال واضح البطلان.

هذه الاحتمالات الأربعة مبنية على أن المراد من شئون الدنيا الصناعات والمهارات والخبرات. فإذا أردنا من شئون الدنيا مصالح كل فرد أو مصالح كل مجموعة من مباحات الدنيا، كالمقارنة بين شراء بيت أو شراء سيارة، كان الاحتمال الآتي:

الاحتمال الخامس: أنتم الذين تلقحون النخل بالمدينة ومثلكم جميع الناس أعلم بشئون دنياكم وما يصلح لكم من غيركم.

والكلام على قاعدة: مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحاداً، تقول: أعطيت الطلاب كتباً على معني أعطيت كل طالب كتاباً، فيصبح المعني: كل واحداً أعلم من غيره بشئون ومصالح نفسه.

وهذا الاحتمال إن صحح في المباحات، لا يصح في الواجبات والمحرمات، فالشرع وحده هو الذي حددها على أنها المصلحة، بناء على ما سبق علم الله الذي خلق. ثم إن هذا الاحتمال لا يتناسب مع قصة الحديث.

ومما هو واضح أن الاحتمال الثاني هو المراد، ثم يليه الأول، وعلى كل حال لا يصح الاستدلال بالحديث على إباحة التغيير في المعاملات، لأن الحديث تطرق إليه أكثر من احتمال، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال، سقط به الاستدلال( ).

كما أن فهم المخاطبين من الحديث أساس في تحديد المراد منه، فماذا فهم الصحابة رضوان الله عليهم من حديث " أنتم أعلم بشئون ديناكم "؟ هل اتبعوا ما يعلمون أو ما يظنون أنه في صالحهم دون الرجوع إلى حكم الرسول  ؟ هل اتبعوا ما يعتقدون أنه صالح في البائع فباعوا المصراة، وتلقوا الركبان قبل وصولهم الأسواق، وقبل معرفتهم الأسعار؟ أو نفذوا حكم النبي  ونهيه عن بيع المصراة وتلقي الركبان؟

الثابت الذي لا شك فيه أنهم كانوا يتبعون أوامره في المعاملات، وينفذونها بدقة، مما يؤكد بداهة أنهم لم يجعلوها داخلة تحت حديث " أنتم أعلم بشئون ديناكم ".

وإذا ثبت ووضح لنا مراد المتكلم ، وأنه لم يدُخلِ المعاملات ضمن هذا الحديث. وإذا ثبت فهم المخاطبين واستجاباتهم، وأنهم لم يخطر ببالهم دخول المعاملات تحت هذا الحديث.

وإذا أجمعت الأمة في عصورها المختلفة على أن المعاملات لا تدخل في هذا الحديث. وإذا كان الفهم الصحيح للحديث يحدد المراد منه ويمنع من دخول المعاملات فيه، فهل يبقي خيط عنكبوت يتعلق به أصحاب هذا الفريق ليدخلوا المعاملات في هذا الحديث؟ اللهم لا.

إن الشريعة الإسلامية رسمت أسلوب تعامل الإنسان على الأرض مع كل ما يحيط ويتصل به.

ومع أن الباحث مال إلى رأي الفريق القائل بمسألة العفو، إلا أن الأمر يظل له ضوابطه، حيث ذلل الله لبني آدم كثيراً من مخلوقاته، وزوده بعقل ليستفيد من هذه النعم، فهو في ميدان استخدام العلم والطبيعة حر، وفي ميدان الاستفادة والترقي لا حجر عليه.

شرط واحد أساسي: ألا يتعلق بمهاراته ونشاطه حقوق للغير، وهذا هو الحد الفاصل بين ما هو من شئون الدنيا المرادة من الحديث، وبين ما هو من اختصاص الشريعة الواردة على لسان نبيه محمد . "فأنتم أعلم بشئون دنياكم" فافعلوا ما تختارون حيث لا يتعلق بهذه الشئون حقوق للآخرين، فإن تعلقت بها حقوق الآخرين، ولو كان طيراً أو حيواناً، فالأعلم بها الله ورسوله، وشرعه في ذلك هو الميزان، ما أمر به هو المصلحة وما نهي عنه هو المفسدة.

6- حكم ما كُلّف به الرسول 

ما يكلف به النبي  إما يكون مطالباً به على وجه الحتم والإلزام، وتلك هي الواجبات، أو ليس على وجه الإلزام، وتلك هي المستحبات، أو يكون مطالباً بأن يترك حتماً أموراً، وتلك هي المحرمات، أو ليس على وجه الحتم، وتلك هي المكروهات، وجعل له الخيار في أمور أخرى أن يفعلها أو لا يفعلها، وهي ما أبيح شرعاً.

فانحصر ما كلف به في أمور خمسة هي: الواجب، والمستحب، والمحرم، والمكروه، والمباح، وهذا ما يسمي عند علماء الأصول أقسام الحكم التكليفي( ).



كما يقسم علماء الأصول أفعال النبي ثلاثة أنواع( ):

أولاً: الأفعال الجبلية التي يقوم بها الرسول ، كالقيام، والقعود، والأكل والشرب، مما لا يترب عليه أمر أو نهي. فهذه لا نزاع في أنها على الإباحة بالنسبة إليه وإلى أمته.

ثانياً: الأفعال التي ثبت كونها من خصائص النبي ، كإباحة الوصال في الصيام، واختصاصه بوجوب التهجد بالليل، وإباحة الزيادة في النكاح على أربع نسوة، وغير ذلك. فحكم هذه الخصائص: أنه لا يقتدي به فيها، وتعتبر خاصة به .

ثالثاً: الأفعال المجردة عما سبق، وإنما المقصود بها التشريع. فهذه نطالب بالتأسي والاقتداء بها، غير أن صفتها الشرعية تختلف بحسب الوجوب أو الندب أو الإباحة. وتعرف صفتها مما يأتي:

تعيين الواجب من أفعاله : ويتعين ذلك بأمور منها:

(1) القول، بأن ينص النبي  بالقول على أن ما فعله واجب عليه. مثل قوله: " صلوا كما رأيتموني أصلي "( )، وقوله " خذوا عني مناسككم"( ).

(2) أن يكون الفعل قد ورد مورد البيان، لقول دالِّ على الوجوب. ومثاله: فعله لأعداد الركعات في الصلوات المكتوبات، هو بيات لقوله تعالي:

   ( ).

وشبيه بذلك أن يقع الفعل امتثالاً لآية دال على الوجوب، فيعلم أنه واجب، ومثاله صوم شهر رمضان، فإنه واجب، لأنه امتثالاً لقوله تعالي:

      ( ).

(3) أن يكون موافقاً لفعل نذره، كما لو قال : إن هزم الله العدو غداً فله علىّ أن أصوم يوم كذا، فصامه على إثر هزيمة العدو، فيعلم أن ذلك وقع وفاء للنذر( ). وقد قال الزركشي: " أن يقع الفعل جزاء الشرط، كفعل ما وجب بالنذر إن قلنا إن النذر غير مكروه "( ).

(4) التسوية بين الفعل وفعل آخر في حكمها( )، بأن يفعل النبي  فعلاً ثم يقول: هذا الفعل مثل الفعل الفلاني، وقد علم حكم هذا الفعل الآخر. ولو خُيّر بين فعلين، أحدهما قد عُلم أنه واجب، فالآخر مثله، لأن التخيير يقتضي التسوية( )، إذ لا يمكن التخيير بين الواجب وما ليس بواجب.

(5) أن يكون وقوعه مع أمارة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للوجوب، كالصلاة بأذان وإقامة( ).حيث لم يعهد في الشريعة الأذان والإقامة لصلاة غير واجبة.

(6) قال بعض الأصوليين: أن يكون الفعل لو لم يكن واجباً، لكان ممنوعاً( )، كالركوع الثاني في صلاة الكسوف. فإنه لو زيد في الصلاة ركوع قصداً، ولم يكن من أركانها، كصلاة الظهر، فإنها تبطل، فلما زيد في صلاة الكسوف ركوع قصداً، كان ذلك الركوع واجباً، لا يجوز الإخلال به.

ومثاله أيضاً: سجود السهو، فإنه لو لم يكن واجباً لما جاز.

تعيين المندوب من أفعاله ويتعين ذلك بأمور منها:

(1) بالقول، ومثاله أنه سئل  عن صيامه ليومي الاثنين والخميس، فقال: "تعرض الأعمال على الله يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم "( ). فبين أنه استحب صيام اليومين المذكورين، ولو كان صومهما واجباً لما ذكر هذا، بل كان يبيّن وجوبه.

(2) أن يكون الفعل بياناً لقول دال على الندب، أو امتثالاً له.

(3) أن يسّوى بين الفعل وفعل آخر مندوب، والتخيير تسوية، لأنه لا يخير بين ما هو مندوب، وما ليس بمندوب.

(4) أن يكون وقوعه مع قرينة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للندب، على وزن ما قالوه في الوجوب.

(5) أن يقع الفعل قضاء لمندوب( )، كالركعتين بعد صلاة العصر صلاها النبي بدلاً عن الركعتين اللتين بعد الظهر.

(6) المواظبة على الفعل في العبادة، مع الإخلال به أحياناً( ). لغير عذر ولا نسخ، أو كونه بالاستقراء مما لا يكون واجباً، يدل على استحبابه بخصوصه. ومثاله: أن النبي  كان يقرأ في الصبح يوم الجمعة (آلم، تنزيل…) و (هل أتي على الإنسان …)، فدلّ ذلك على استحباب قراءتها في تلك الصلاة، ومثلها القراءة في الجمعة بـ (سبح) و(الغاشية)، وفي العيد بـ (ق) و (اقتربت). فقد أخلّ ببعض ذلك، إذ كان يقرأ أحياناً في الجمعة بسورة (الجمعة)، وسورة (المنافقون)، وفي العيد بـ (سبح)

و(الغاشية). هذا بالإضافة إلى أنه لم يعهد في الشريعة وجوب تخصيص صلاة معينة بقراءة معينة( ).

تعيين المباح من أفعال : ويتعين ذلك بأمور منها:

(1) النص كقوله : " استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي "( ).

(2) أن يكون بياناً أو امتثالاً لآية دالة على الإباحة، كأكله  من الغنيمة، امتثالاً لقوله تعالي:       ( ).وأكله من لحم الهدي، امتثالاً لقوله تعالي:       ( ).

(3) التسوية بينه وبين فعل معروفة إباحته.

(4) انتفاء دليل يدل على الوجوب أو الندب، وذلك لانحصار أفعاله  في الأنواع الثلاثة، فإذا لم يثبت الوجوب ولا الندب، حمل على الإباحة لأنها الأصل( ).

7-طرق معرفة سبب الفعل

الأفعال من حيث تعلقها بالأسباب على أنواع( ):

الأول: ما هو مرتبط بالعبادة ارتباط الجزء بالكل. فهذا لا يطلب له سبب، وذلك كالركوع والسجود بالنسبة إلى الصلاة. وليس معني ذلك أن كل أجزاء العبادة يجرى هذا المجرى، بل منها ما يتبع سبباً خاصاً: كالقنوت فإنه مرتبط بالوتر، وسجود السهو، فإنه مرتبط بالسهو في الصلاة، وكسجود التلاوة فيها، فسببه تلاوة السجدة.

الثاني: النوافل المطلقة، من صلاة وصدقة وأذكار مطلقة، وغير ذلك، فإنها ليست منوطة بسبب من الأسباب. وكذلك ما يفعله  من المباحات على الإطلاق، لا يطلب لها سبب، لأنها تفعل لملائمة الطبيعة البشرية.

الثالث: ما هو مقيد بسبب زماني، كالصلوات الخمس، وقيام الليل، وبعض الصوم كصوم رمضان، وست من شوال.

وبين القرافي إن الصوم لا يكون منوطاً بالمكان، أما الصلاة فقد تناط بالزمان، وقد تناط بالمكان( ). كما تقدم في الأمثلة، أو بسبب حادث من الحوادث، كصلاة الكسوف، أو بسبب مناسب يتضمن تحصيل مصلحة أو درء مفسدة، كصلاة الاستسقاء عند القحط.

وسبب الفعل يعرف بطرق: إما أن يعرف بالنص القولي الصريح أو غير الصريح، أو بالإجماع، أو الإيماء، أو قول الصحابي، أو الاستنباط، أو المناسبة( ).

الطريقة الأولي: إثبات العلة بالنص الصريح أو الظاهر، أو بالإيماء بالقول. والنص إما من كتاب الله تعالي، وإما من رسول الله ، كقوله إذ شمّت أحد العاطسين، ولم يشّمت الآخر: " إن هذا حمد الله فشّمتُه، وإنك لم تحمد الله "( ).

ومثال الإيماء بالقول: أنه  خلع نعليه في الصلاة، فخلعوا نعالهم، فلما سلّم قال لهم في ذلك، فقالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: " إن جبريل أخبرني إن فيها أذى "( ).

الطريقة الثانية: الإيماء بالفعل. ومثاله أن يفعل النبي  فعلا بعد أمر طارئ، فيعلم أنه سبب الفعل.

ومن ذلك أنه  نقص من الصلاة سهواً وسلّم، فلما قيل له، أتم الصلاة، وسجد سجدتين وسلم. فإن إيقاعه سجدتين في آخر الصلاة لا يعهد في الصلاة، فارتباطهما بالنقص سهواً أمر واضح، وإلا لكانا لغواً لا يليق به ( ).

الطريقة الثالثة: إثبات السبب بالإجماع. فإذا أجمعت الأمة على أن فعلاً من أفعاله  كان لسبب كذا، فإنه يتعين.

الطريقة الرابعة: إثبات السببية بقول الصحابي. وذلك أن الصحابي يرى الفعل، ويشاهد ما يحتف به من القرائن الدالة على سببه، وهو عدل عارف باللغة. فالظاهر أن ما أخبر بسببيته هو السبب حقاً، بل لا يبعد أن يكون سمع من النبي  قولاً يدل على السببية، فتنقل إلينا السبب ولم ينسبه إلى قول النبي 

ومثال ذلك قول عائشة رضي الله عنها: " كان النبي  إذا كان جنباً وأراد أن يأكل أو ينام توضأ "( ). فبينت رضي الله عنها أن الأكل والنوم على الجنابة سببان لوضوئه.

وقولها: " كان إذا دخل العشر، شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله "( ). فبينت أن سبب الاجتهاد في العبادة عشر رمضان الأخير.

الطريقة الخامس: أن يعرف السبب بالاستنباط، وذلك إما بالسّبْر والتقسيم، أو بالمناسبة، أو بالدّوران.

فمثال الأول: وهو معرفة السبب بالسبر والتقسيم، أنه  صلي يوم عرفة ركعتين وخطب، فقيل كانت خطبته للجمعة، لأنه وافق يوم الجمعة، وقيل إنها خطبة لعرفة، والركعتان ظهر مقصورة.

فلمّا علمنا أنه سّر في الركعتين بالقراءة، علمنا أن الخطبة ليست للجمعة، فلا يبقي إلا للوقوف بعرفة، وعليه فتقتدى به ، فيثبت للوقوف بعرفة خطبة.

ومثال الثاني: وهو المناسبة، أنه  حسم يد السارق بعد القطع، والغرض حفظ العضو من التلف.

ومثال إثباته بالدوران: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "عرضت على النبي  يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة ، فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة فأجازني "( ).

احتج به لمذهب الشافعي وأحمد في أن المدة التي إذا بلغها الإنسان ولم يحتلم حُكِمَ ببلوغه، هي خمس عشرة سنة، فقد أجاز ابن عمر في القتال بخمس عشرة سنة، ولم يجزه فيما دونها، فدل على ذلك( ).

8-هل يتوقف الاقتداء بالأفعال النبوية على معرفة أسبابها؟

إن الأفعال بالنسبة إلى هذا الأمر تنقسم إلى أربعة أقسام( ):

أولاً: ما لا يتوقف على سبب.

ثانياً: ما فعله لسبب معلوم، وهو مستمر بعده.

ثالثاً: ما فعله لسبب فزال.

رابعاً: ما جهل سببه.

القسم الأول: ما لا يكون مرتبطاً بسبب أصلاً، بل هو مطلق، كنوافل الصوم والصلاة. فهذا يفعل اقتداء به، ويفعل مطلقاً، كما أن المتأسىَّ به مطلق.

فلا يجوز ربط نوافل بأسباب لم يربط بها النبي  فعله. فمن اقتدي به  في نوافل الصلاة المطلقة، لا يجوز أن يفعلها مرتبطة بأسباب من عنده.

ووجه ذلك: أن سببية السبب الشرعي هي حكم شرعي، والحكم الشرعي لا يجوز إثباته إلا بدليل.

القسم الثاني: ما علم ارتباطه بالسبب. وهو ما كان الفعل في الأصل ممنوعاً أو مكروها، وقد فعله  لسبب.

وهذا القسم لا يجوز فعله بلا سبب، ويدخل في هذا القسم الرخص والعقوبات والعبادات الخاصة المرتبطة بالأسباب.

فمن الأول (الرخص): كجمعه  بين الصلاتين إذ إن فيه تقديم الصلاة عن وقتها، أو تأخيرها عن وقتها، وكلاهما حرام، وإنما يجوز الجمع عند سببه.

ومن الثاني (العقوبات): وهي منوطة بأفعال معينة صدرت من المكلفين الذين أوقعت بهم، كقطع يد السارق، ورجم الزاتي الثيب. قال الشوكاني: " ما يفعله  مع غيره عقوبة له اختلفوا فيه، هل يقتدي به أم لا؟ فقيل يجوز، وقيل هو بالإجماع موقوف على معرفة السبب، وهذا هو الحق. فإن وضح لنا السبب الذي فعله لأجله، كان لنا أن نفعل مثل فعله عند وجود مثل ذلك السبب، وإن لم يظهر السبب لم يجز "( ).

ومن الثالث (العبادات الخاصة المرتبطة بالأسباب): فلا تفعل إلا عند وجود سببها، كصلاة الكسوف، وسجود السهو، وكالقنوت في الصبح على رأي ابن تيمية ومن وافقه، فإنه يراه منوطاً بالنوازل، بناء على حديث أنس أنه  : " قنت شهراً بعد الركوع في صلاة الصبح يدعو على رِعْلٍ وذَكْوانَ "( ). قال ابن تيمية، بعد أن ذكر حكم القنوت: " هذا النزاع الذي وقع في القنوت، له نظائر كثيرة في الشريعة. فكثيراً ما يفعل النبي  لسبب فيجعله بعض الناس سنة، ولا يميز بين السنة العارضة والدائمة "( ).

القسم الثالث: ما فعله لسبب فزال: أي ما فعله النبي  لمعني معين، ثم زال ذلك المعني. نقل فيه الزركشي( ). عن الماوردي حكاية قولين للشافعية.

القول الأول: وقد قاله أبو إسحاق المروزي أننا لا نفعله لزوال معناه إلا بدليل يدل على ما فعله بعد زوال المعني.

القول الثاني: ونسبة إلى ابن أبي هريرة: يقتدي به وإن زال معناه، نظراً إلى مطلق التأسي، لقوله تعالي: " واتبعوه "، ولما ورد في السنة من أن النبي  في عمرة القضاء وأصحابه اضطبعوا بأرديتهم ورملوا في الطواف من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ومشوا من اليماني إلى الأسود، فعلوا ذلك ثلاث مرات، وبين  الغرض بقوله: " رحم الله امرأ أراهم من نفسه اليوم قوة"( ). وكان المشركون قد وقفوا في المسجد الحرام من جهة الحِجْر، وقد قالوا فيما بينهم: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمّي يثرب. فأمر النبي  أصحابه بذلك، ليظهروا الجلد والقوة والنشاط، إرغاماً للمشركين، وكسراً لحدة سخريتهم.

ثم بعد ذلك فتحت مكة، وقضي على قوة الشرك، ففعل النبي  هو وأصحابه في طواف القدوم ما فعلوه في عمرة القضية، مع زوال السبب، فلم يكن هناك مشركون يقفون من جهة الحِجْر، ينظرون إلى المسلمين تلك النظرة.

فدل ذلك على أن ما فعله لغرض فزال، أنه يستمر حكمه.

وعندما حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأتي المطاف قال: " ما لنا وللرمل، إنما كنا راءينا به المشركين "( ). ثم قال: " شيء فعله رسول الله  لا نحبّ أن نتركه ".

وفي رواية أبي داود، قال عمر: فيم الرّمَلان والكشف عن المناكب وقد أطّأ الله الإسلام، ونفي الكفر وأهله؟ مع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله مع رسول الله  "( ).

ويرى الباحث أن القول الأول أرجح، وذلك للأسباب التالية:

أولاً: أن الفعل إذا زال سببه، فلا يتّبع، لأن الفعل الذي فعل لغرض إنما يكون اتباعه لتحصيل ذلك الغرض.

ثانياً: كما أن السببية حكم شرعي، فإن كان الشيء مما لا يفعل إلا عند السبب، لم يجز فعله بعد زوال السبب.

ثالثاً: يستدل لذلك أيضاً بأن النبي  خلع نعليه في الصلاة، فخلع الصحابة نعالهم. فلما سلم قال لهم: " لم خلعتم نعالكم؟ " قالوا: رأيناك خلعت نعليك، فخلعنا نعالنا. قال: " إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيها أذى، فإذا جاء أحدكم المسجد فلينظر في نعليه، فإن وجد فيهما أذى أو قذراً فليمسحه، وليصل فيهما "( ).

أما إذا زال السبب فلا، كما يشير إليه الحديث.

أما سبب استمرار الرمل والاضطباع سنة، حتى بعد أن انقضي السبب، فلأن هذا النوع من الأفعال غير ما تقدم ذكره، وذلك لأن الشرع دل على أنه يراد لهذا الفعل أن يكون صفة من صفات الطواف مشروعة فيه، حيث إن كثيراً من أفعال الحج مثلاً اتخذت فيه أفعال وأحوال متقدمة، من أيام نبي الله إبراهيم عليه السلام وأسرته، وقعت منهم، فاتخذت نموذجاً وضعت على مثاله أفعال الحج.

ولنعتبر ذلك بالسعي بين الصفا والمروة، فأصله سعي أم إسماعيل بينهما لتطلب الماء لابنها الذي تركته يضغُو عند زمزم. فعلت ذلك سبعاً، وقد هرولت في المنخفض الذي هو بطن الوادي. فُوضِع السعي على مثال ذلك، وجُعل جزءاً من أجزاء الحج، يقول ابن عباس رضي الله عنها مشيراً إلى هذه القصة، كما روي البخاري، قال رسول الله  : " فذلك سعي الناس بينهما "( ).

وكذلك تضحية سيدنا إبراهيم عليه السلام بالكبش اتخذت أساساً لمشروعية الهدي، وقد أمرنا باتخاذ مقامه مصلي.

" وهذه الأفعال أبقيت في العبادات مستمرة دائمة، كما تبقي الأمم بعض الآثار الحسية المشاهدة لتدلها على عظمة أسلافها السابقين، ولتكون ذكراها ماثلة أمام الأبناء، تثيرهم نحو التضحية والفداء، والاقتداء بسابقيهم من المعظمين. فهذه آثار من الحجارة والطين، وتلك آثار من التفاني في طاعة الله "( ).

يقول ابن دقيق العيد في شأن بقاء الرمل والاضطباع ونحوهما مما بقي من الأحكام بعد زوال سببه : " في ذلك من الحكمة تذكر الوقائع الماضية للسلف الكرام، وفي طيّ تذكرها مصالح دينية، إذ يتبين في أثناء كثير منها ما كانوا عليه من امتثال أمر الله، والمبادرة إليه، وبذل الأنفس في ذلك. وبهذه النكتة يظهر لنا أن كثيراً من الأعمال التي وقعت في الحج، ويقال بأنها (تعبد) ليست كما قيل. ألا ترى أنا إذا فعلناها وتذكرنا أسبابها، حصل لنا من ذلك تعظيم الأولين، وما كانوا عليه من احتمال المشاق في امتثال أمر الله، فكان هذا التذكر باعثاً لنا على مثل ذلك، ومقرَّراً في أنفسنا تعظيم الأولين، وذلك معني معقول"( ).

ثم ذكر أن السعي بين الصفا والمروة اقتداء " بفعل هاجر، وأن رمي الجمار سببه فعل إبراهيم، إذا رمى إبليس بالجمار في هذا الموضع "( ).

فما جعل مثالاً كالرمل والاضطباع يتبع، دون ما لم يجعل مثالاً. والفرق بين النوعين، أن الأول وضعته الشريعة أسلوباً للعبادة، ولم تضع الثاني.

والحاصل أن الفعل النبوي إذا فعل لسبب ثم زال السبب، فإنه لا يقتدي به إلا بدليل بدل عليه.

القسم الرابع: ما فعله ولم نعلم سببه. ويدخل في هذا القسم ما جهل سببه بالكلية، ويدخل أيضاً ما دار بين أمور لا يدري أيها هو السبب، ولم يترجح واحد منها.

والاقتداء بأفعال هذا القسم أعلى من الاقتداء بأفعال القسم السابق، لأن ما علم زوال معناه قطعاً لا يوازي ما جهل معناه، مع احتمال أن يكون باقياً في حق المقتدى، إذ إنه قد يفعله حينئذ احتياطاً لعله أن يصادف السبب، ومن أجل ذلك كان حكمه أخفي.

وقد قال أبو إسحاق المروزي في هذا النوع: يقتدي به( )، وضمه إلى ما علم معناه وكان باقياً، ولم يضمه إلى ما زال معناه.

وكذلك قال السبكي: " يقتدي به بالإطلاق "( ). وقال النووي أيضاً: "يستحب التأسي به قطعاً "( ).

وقد مثل له السبكي في قواعده: بالذهاب للعيد من طريق، والرجوع من طريق آخر، وجعل تكرار ذلك منه  دليل مشروعيته. وذكر أن الشافعية قالوا في معناه أقوالاً منها: أنه كان يطيل طريق الذهاب لتحصيل الفضيلة، ثم يرجع من طريق أقصر. قال: هذا هو الراجح عند الأكثرين. وقيل: ليتصدق فيهما، وقيل ليسوّي بين أهل الطريقين، وقيل ليشهد له الطريقان، وقيل ليغيظ المنافقين بإظهار الشعار، وقيل غير ذلك. فهو مثال لما تردد فيه الفعل بين أسباب( ).

ومثال ما لم ينقدح فيه سبب أصلاً: تقبيل النبي  للحجر الأسود، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وقف عند الحجر: " إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر. وأنك لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله  قبلك ما قبلتك "( ).

وهذه قاعدة ينبني عليها الاقتداء بأفعال كثيرة مما فعله النبي  من الأمور المشروعة التي لم تعلم أسبابها فإنها ينبغي أن تكون محلاًّ للقدوة.











نتائج البحث

تتمثل نتائج البحث في النقاط التالية:

أولاً: تنقسم السنة من حيث أثرها التشريعي إلى أنواع: تشريع وتبليغ، وفتوى، وقضاء، وإمامة وإمارة، وبشرية محضة.

ثانياً: تصرف الرسول  بالرسالة (تشريع وتبليغ) والفتيا شرع يتقرر على الخلائق إلى يوم الدين، لأنه أصل وظيفته .

ثالثاً: تصرفه  بالقضاء، وتصرفه بالإمامة، من سنته لا يجوز لأحد أن ينشئ الأحكام بناء عليها إلا أن يكون قاضياً في مثل المقام الذي قضي فيه رسول الله ، أو حاكماً على رأس دولته فوضت إليه مصالحها وشئونها.

وليس ما فعله  ملزماً لكل قاض أو حاكم، وإنما الاتباع والاقتداء في المبدأ الأصلي وهو بناء الأحكام في القضاء على البينات والأسباب، وبناء التصرفات السياسية على ما يحقق مصالح الأمة ومنافعها.

رابعاً: السنة نوعان: السنة التشريعية، وهي ما تعلقت بالرسالة والتبليغ والفتيا. وغير تشريعية: وهي التي تمثل إنشاء الرسول  باجتهاده في فروع المتغيرات الدنيوية، التي لم يرد فيها وحي ولا شرع إلهي بميادين ممارساته لشئون الإمامة والدولة والحكم والقضاء.

خامساً: إن الشريعة جاءت بأحكام معينة أراد الله بها أن تكون في الدين، وترك ما سوى ذلك، فلم يتعرض له وهو " العفو "

سادساً: إن مسألة العفو لها ضوابطها الشرعية، وإن حديث " أنتم أعلم بشئون دنياكم " لا يصح الاستدلال به على إباحة التغيير في المعاملات، لأنه تطرق إليه أكثر من احتمال، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال، سقط به الاستدلال.

سابعاً: أفعال النبي  ثلاثة أنواع: أفعال جبلية على الإباحة، وأفعال خاصة بالنبي  لا يقتدي به فيها، وأفعال مجردة قصد منها التشريع فهي على الاقتداء، غير أن صفتها الشرعية بحسب الوجوب أو الندب أو الإباحة.

ثامناً: طرق معرفة سبب فعل الرسول : إما أن يعرف بالنص القولي الصريح أو غير الصريح أو بالإجماع أو الإيماء أو قول الصحابي أو الاستنباط أو المناسبة.

تاسعاً: إن الفعل النبوي إذا فعل لسبب ثم زال السبب، فإنه لا يقتدي به إلا بدليل يدل عليه.

وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى أهله وصحبه وسلم،،



المصـــادر

- الإحكام في أصول الأحكام- للآمدي- دار الحديث، القاهرة.

- الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام- للقرافي- تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة- طبعة حلب سنة 1967م.

- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول- للشوكاني- دار الفكر، بيروت.

- الأشباه والنظائر- للسيوطي- دار الكتب العلمية.

- إعلام الموقعين عن رب العالمين- ابن قيم الجوزية- تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد- دار المعرفة- بيروت.

- أفعال الرسول  ودلالتها على الأحكام الشرعية- محمد سليمان الأشقر- دار النفائس، الأردن- ط (1) 1424هـ/ 2004م.

- البحر المحيط- للزركشي- دار الكتب العلمية.

- بداية المجتهد ونهاية المتقصد- ابن رشد القرطبي- تحقيق: محمد سالم وآخرون- مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة.

- تأويل مختلف الحديث- لابن قتيبة- دار الكتب العلمية.

- تعليل الأحكام- محمد مصطفي شلبي- دار النهضة العربية- بيروت 1981.

- جامع الأصول من أحاديث الرسول - لابن الأثير- تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط- دار الفكر، بيروت- ط(2) 1403هـ/ 1983م.

- حجة الله البالغة- للدهلوي- تحقيق: عثمان جمعه خميرية- مكتبة الكوثر، الرياض، ط (1) 1420هـ/ 1999م

- الخراج- لأبي يوسف- المطبعة السلفية ومكتبتها.

- الخراج- يحيى بن آدم القرشي- تحقيق: أحمد شاكر- دار التراث الإسلامي، القاهرة.

- سلسلة الأحاديث الصحيحة- للألباني- مكتبة المعارف، الرياض 1415هـ/1995.

- سنن ابن ماجة- تحقيق: الألباني- مكتبة المعارف، الرياض- ط(1).

- سنن أبي داود- تحقيق: الألباني- مكتبة المعارف، الرياض- ط(1).

- سنن الترمذي- تحقيق: الألباني- مكتبة المعارف، الرياض- ط(1).

- السنة التشريعية وغير التشريعية- محمد سليم العوا وآخرون- مكتبة نهضة مصر.

- سنن الدار قطني- دار المعرفة، بيروت- ط (1) 1406هـ/1986م.

- السنن الكبرى- لللبيهقي- دار المعرفة، بيروت - ط (1) 1406هـ/1986م.

- سنن النسائي- تحقيق: الألباني- مكتبة المعارف، الرياض- (1).

- السنة والتشريع- عبد المنعم النمر- دار الكتاب المصري، القاهرة.

- السنة والتشريع- موسى شاهين لاشين- هدية مجلة الأزهر لشهر شعبان 1411هـ.

- شرح السنة- للبغوي- تحقيق: زهير الشاويش وشعيب الأرناؤط- المكتب الإسلامي- ط (2) 1403هـ/ 1983م.

- شرح العضد لمختصر ابن الحاجب- عبد الرحمن بن أحمد الإيجي- مطبعة الفجالة، 1394هـ/ 1974م.

- صحيح ابن حبان- تحقيق: كمال يوسف الحوت- دار الكتب العلمية، بيروت ط (1) 1407هـ/ 1987م.

- صحيح البخاري- ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي- مكتبة الصفا- ط (1) 1424هـ/ 2003.

- صحيح الجامع الصغير- للألباني- المكتب الإسلامي- ط (3) 1402هـ/ 1982م.

- صحيح مسلم- ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي- مكتبة الصفا- ط (3) 1424هـ/ 2004م.

- ضعيف الجامع الصغير- للألباني- المكتب الإسلامي- ط (3) 1402هـ/ 1982م.

- فتح الباري شرح صحيح البخاري- لابن حجر العسقلاني- المطبعة السلفية- ط (2)، 1405هـ.

- فتح القدير- كمال الدين بن الهمام- دار الكتب العلمية- ط (1)، 1415هـ.

- الفروق- للقرافي- تحقيق: محمد أحمد سراج، وعلي جمعه- دار السلام، القاهرة- ط (1) 1421هـ/ 2001م.

- الفقه الإسلامي بين المثالية والواقعية- محمد مصطفي شلبي- نشر جامعة الإسكندرية 1960م.

- كشف الخفاء ومزيل الإلباس- للعجلوني- دار التراث، القاهرة.

- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية- جمع: عبد الرحمن محمد النجدي وابنه- ط (1) 1398هـ.

- المستصفي من علم الأصول- للغزالي- تحقيق: محمد سليمان الأشقر- مؤسسة الرسالة- ط (1)، 1417هـ/ 1997م.

- مسند الإمام أحمد- تحقيق: أحمد شاكر وآخرون- دار الحديث، القاهرة- ط (1)، 1416هـ/1995م.

- المغني- لابن قدامة- دار الغد العربي، القاهرة.

- مقاصد الشريعة الإسلامية- محمد الطاهر بن عاشور- دار النفائس، الأردن- ط (2) 1421هـ/ 2001م.

- منهاج الوصول إلى علم الأصول- للبيضاوي- دار الفكر- الخرطوم- ط (1)، 1980م.

- الموافقات- للشاطبي- تحقيق: عبد الله دراز- المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة.

- نهاية السول في شرح منهاج الوصول- للاسنوي- عالم الكتب، القاهرة.

- نيل الأوطار- للشوكاني- دار الجيل، بيروت 1973م.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الخميس، 7 يناير 2010

مجموعة المواقع المفضلة لدينا:

*موقع الشيخ "ماهر المعقيلى" امام الحرم المكى:

*موقع التقويم الهجرى والميلادى:

*موقع مكتبة  المصطفى الالكترونية:

*دليل المواقع العربية:

*موقع المكتبة الوقفية للكتب المصور:

*دليل سلطان للمواقع العربية:

*موقع مكتبة الوراق الالكترونية:

موقع مكتبة صيد الفوائد الالكترونية:
http://www.saaid.net/book/index.php

*موقع الشيخ ابى اسحاق الحوينى:

*موقع الشيخ عبد الباسط عبدالصمد:

http://www.abdalbasit.com/


الثلاثاء، 5 يناير 2010

ألسيرة الذاتية"7"

النشاط التطبيقي للعام الدراسي سنة 2007/2008م


• رئيس قسم الدراسات الإسلامية.

• رئيس مجلس قسم الدراسات الإسلامية.

• مدير مركز الخدمة العامة للدراسات والبحوث الإسلامية بالجامعة.

• رئيس كنترول الفرقة الرابعة [انتظام] – دور أكتوبر سنة 2007م.

• رئيس كنترول الدراسات العليا – دور ديسمبر سنة 2007م.

• رئيس كنترول الفرقة الرابعة [انتظام] للعام الدراسي سنة 2007/2008م.

• رئيس كنترول الدراسات العليا – دور يوليو سنة 2008م.

• التدريس لطلبة الدراسات العليا بقسم اللغة العربية، وقسم الدراسات الإسلامية.

• عضو مجلس إدارة مركز توزيع الكتاب الجامعي.

• أمين صندوق الزمالة بالكلية.

• عضو لجنة صندوق التكافل الاجتماعي للطلاب بالكلية.

• عضو أسرة مجلة الكلية المحكمة.

• التدريس بكليتي الآداب والتربية بجامعتي جنوب الوادي وسوهاج.



النشاط التطبيقي للعام الدراسي سنة 2008/2009م

• رئيس قسم الدراسات الإسلامية.

• رئيس مجلس الدراسات الإسلامية.

• مدير مركز الخدمة العامة للدراسات والبحوث الإسلامية بالجامعة.

• رئيس كنترول الفرقة الرابعة [انتظام] – دور أكتوبر سنة 2008م.

• رئيس كنترول الدراسات العليا – دور ديسمبر سنة 2008م.

• عضو مجلس إدارة مركز توزيع الكتاب الجامعي.

• أمين صندوق الزمالة بالكلية.

• عضو لجنة صندوق التكافل الاجتماعي للطلاب.

• عضو أسرة مجلة كلية الآداب المحكمة.

• رائد أسرة الهدى بالكلية.

• عضو مجلس إدارة مركز ضمان الجودة والاعتماد.

• رئيس كنترول الفرقة الرابعة [انتظام] للعام الدراسي سنة 2008/2009م.

• عضو مجلس الكلية.

• مستشار لجنة النشاط الثقافي والإعلامي للجامعة.

قرار رئيس الجامعة رقم (588) بتاريخ 23/9/2008م.

• عضو اللجنة العلمية لمؤتمر كلية الآداب بقنا بعنوان (قنا عبر العصور) والمنعقد يومي 12، 13/10/2008م.

• التدريس بكليتي الآداب والتربية بالجامعة.

• التدريس لطلبة الدراسات العليا بقسم اللغة العربية، وقسم الدراسات الإسلامية بالكلية.

• التدريس لطلبة الدراسات العليا بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة سوهاج.

• إلقاء محاضرات ثقافية بقصور الثقافة بمحافظة قنا، والمدن الجامعية، والندوات بكليات الجامعة.


ألسيرة الذاتية6

تحكيم أبحاث للترقية إلى أستاذ مساعد:


1- تحكيم بحث "تجديد الخطاب الديني – نظرة نقدية "نقد الخطاب الديني – لنصر حامد أبو زيد نموذجاً" للدكتورة سماح صلاح الدين عبد العزيز شلبي – ونشر في مجلة "فكر وإبداع" – عدد ديسمبر سنة 2007م.

2- تحكيم بحث "تطور الفقه من وجهة نظر جولد تسيهر" – للدكتورة سماح صلاح الدين عبد العزيز شلبي – مدرس الدراسات الإسلامية – كلية البنات جامعة عين شمس، ونشر في مجلة فكر وإبداع". إشراف: أ.د. حسن بنداري عدد أغسطس 2008م.

النشــاط التطبيقــي

النشاط التطبيقي للعام الدراسي 2004/ 2005م

• رئيس قسم الدراسات الإسلامية.

• عضو مجلس كلية الآداب بقنا.

• رائد أسرة الهدى.

• عضو لجنة شئون التعليم والطلاب بكلية الآداب بقنا.

• التدريس بالدراسات العليا في قسم اللغة العربية بآداب سوهاج.

• رئيس كنترول قسم الفرنسي.

• التدريس بكليتي الآداب والتربية بجامعتي جنوب الوادي وسوهاج.



النشاط التطبيقي للعام الدراسي سنة 2005/2006م

• عضو مجلس كلية الآداب بقنا.

• رئيس قسم الدراسات الإسلامية.

• التدريس بكليتي الآداب والتربية في جامعتي جنوب الوادي وسوهاج.

• التدريس بكلية التربية بالغردقة.

• رئيس كنترول دور أكتوبر سنة 2005م.

• عضو لجنة شئون التعليم والطلاب.

• عضو لجنة المختبرات والأجهزة العلمية.

• عضو لجنة صندوق التكامل الاجتماعي.

• رئيس كنترول قسم الفرنسي.

• التدريس لطلاب الدراسات العليا بقسم الدراسات الإسلامية بآداب قنا.

• الاشتراك في جميع الندوات التي أُقيمت بالكلية في مشروع "ضمان الجودة والاعتماد".

النشاط التطبيقي للعام الدراسي سنة 2006/2007م

• رئيس قسم الدراسات الإسلامية.

• رئيس مجلس قسم الدراسات الإسلامية.

• رئيس كنترول الفرقة الرابعة – دور أكتوبر [انتساب] سنة 2006م.

• رئيس كنترول الدراسات العليا – دور ديسمبر سنة 2006م.

• رئيس كنترول الفرقة الرابعة [انتظام] للعام الدراسي سنة 2006/2007م.

• أمين صندوق الزمالة لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بكلية الآداب بقنا.

• عضو مجلس حكماء كلية الآداب بقنا.







• عضو لجنة الشئون الأكاديمية والطلابية بالكلية.

• عضو مجلس إدارة مركز توزيع الكتاب الجامعي.

• رئيس كنترول الدراسات العليا – دور يوليو سنة 2007م.

• رائد أسرة الهدى.

• عضو لجنة صندوق التكافل الاجتماعي للطلاب بالكلية.

• التدريس بكليتي الآداب والتربية بجامعتي جنوب الوادي وسوهاج


ألسيرة الذاتية5

* الإشراف العلمي على رسائل الدكتوراه:


9- رسالة بعنوان: "القواعد الفقهية وأثرها في فقه الواقع" كلية الآداب بقنا.

10- رسالة بعنوان: منهج القرطبي في آيات الأحكام والقواعد الأصولية من خلال تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) – كلية الآداب بقنا.

11- رسالة بعنوان: "منهج الإمام بن حجر في التوفيق بني مختلف الحديث في فتح الباري – من كتاب الإيمان إلى كتاب الراهن". كلية الآداب بقنا.



* مناقشة الرسائل:

1- رسالة ماجستير بعنوان: "منهج مسروق بن الأجدع واتجاهاته في التفسير"، كلية البنات- جامعة عين شمس. بتاريخ 17/11/2005م.

2- رسالة دكتوراه بعنوان: "منهج إلكيا الهراسي في تفسيره أحكام القرآن: دراسة مقارنة". كلية البنات- جامعة عين شمس. بتاريخ 17/6/2006م.

3- رسالة دكتوراه بعنوان: "فلسطين في السنة النبوية"، كلية البنات- جامعة عين شمس. بتاريخ 15/8/2007م.

4- رسالة ماجستير بعنوان: "جهود عائشة عبد الرحمن في تفسير القرآن"، كلية البنات- جامعة عين شمس. بتاريخ 6/1/2007م.

5- رسالة ماجستير "توقيف الحكام على غوامض الأحكام – تأليف: شهاب الدين أحمد بن عماد بن محمد بن يوسف الأقفهسي القاهري الشافعي (ت 808هـ). تحقيق ودراسة"، كلية دار العلوم – جامعة المنيا. بتاريخ 14/6/2007م.



6- رسالة ماجستير: "أنواع الحقوق التي تحميها العقوبات الشرعية والآثار المترتبة عليها: دراسة فقهية مقارنة". كلية دار العلوم – جامعة المنيا.

بتاريخ 28/6/2007م.

7- رسالة دكتوراه: "المزاد العلني: أحكامه وتطبيقاته المعاصرة. دراسة فقهية مقارنة"، كلية دار العلوم – جامعة المنيا. بتاريخ 28/6/2007م.

8- رسالة ماجستير: "فقه مجاهد بن جبر بين معاصريه"، كلية دار العلوم –

جامعة القاهرة. 7/7/2007م.

9- رسالة ماجستير: " زوائد سنن ابن ماجه على الكتب الخمسة. دراسة حديثية فقهية (أبواب العبادات)"، كلية دار العلوم – جامعة القاهرة. بتاريخ 16/12/2007م.

10- رسالة دكتوراه: " السياسة النقدية والمالية في الإسلام، ودورها في معالجة التضخم"، كلية دار العلوم – جامعة المنيا. بتاريخ 14/1/2008م.

11- رسالة ماجستير بعنوان "أحاديث الطب النبوي (الطب المادي): جمع وتوثيق مع دراسة أهم القضايا الطبية المعاصرة في ضوء السنة النبوية الشريفة – بكلية

دار العلوم، جامعة المنيا. بتاريخ 30/4/2008م.

12- رسالة ماجستير بعنوان: "متشابه القرآن والحديث" لشمس الدين محمد بن اللبان المصري الشافعي. دراسة وتحقيق. بكلية الآداب بقنا – جامعة جنوب الوادي بتاريخ 15/6/2008م.

13- رسالة ماجستير بعنوان: "قاعدة الأمور بمقاصدها وتطبيقاتها المعاصرة في العبادات والمعاملات" – بكلية دار العلوم – جامعة القاهرة –

بتاريخ 5/8/2008م.

14- رسالة دكتوراه بعنوان: السياسة الشرعية في العقوبات التعزيزية – دراسة مقارنة بين القانون الليبي والشريعة الإسلامية – بكلية دار العلوم، جامعة المنيا، بتاريخ 10/9/2009م.

15- رسالة ماجستير بعنوان: "أثر المقاصد الفرعية في الجرائم والعقوبات في الشريعة الإسلامية، بكلية دار العلوم – جامعة القاهرة بتاريخ 25/11/2008م.

16- رسالة ماجستير بعنوان: الأوصاف التي شاركت فيها الأمة الإسلامية الأنبياء عليهم السلام وأثرها في الإنسانية" – بكلية الآداب بقنا – جامعة جنوب الوادي. بتاريخ 27/11/2008م.

17- رسالة الماجستير بعنوان: كتاب "النوازل من الفتاوي" للفقيه أبي الليث السمرقندي (ت 375هـ) من بداية المخطوط إلى نهاية كتاب الطلاق: دراسة وتحقيق – بكلية دار العلوم – جامعة القاهرة. بتاريخ 27/12/2008م.




ألسيرة الذاتية4

الإشراف العلمي:


* الإشراف على رسائل ماجستير:

1، 2- رسالتان بعنوان: "التحقيق الباهر شرح الأشباه والنظائر لهبة الله التاجي- دراسة وتحقيق – كلية الآداب بقنا.

وقد تم مناقشتهما بكلية الآداب بقنا: الأولى: الخميس 19/5/2005م، والثانية: الاثنين 15/5/2006م.

3- رسالة بعنوان: " منهج الإمام النووي في التوفيق بين الأحاديث المتعارضة من خلال شرحه لصحيح مسلم – كلية الآداب بقنا.

وقد تم مناقشتها يوم السبت الموافق 17/11/2007م.

4- رسالة بعنوان: "نهاية الهداية إلى تحرير الكفاية – لشيخ الإسلام: زكريا الأنصاري

(ت 931هـ) شرح كتاب "كفاية الحفاظ" لابن الهائم (ت 815هـ). دراسة وتحقيق.

وقد تم مناقشتها: يوم الأربعاء الموافق 26/11/2008.



5- رسالة بعنوان: "دلائل التوحيد في سورة يونس". كلية الآداب بقنا.

6- رسالة بعنوان: "فقه الأولويات وعلاقته بالأصول الشرعية. كلية الآداب بقنا.

7- رسالة بعنوان: "أحاديث الطلاق في الكتب الستة: دراسة حديثية فقهية.

كلية الآداب بسوهاج.

8- رسالة بعنوان: "منهج تفسيري مفاتيح الغيب والمنار في عرض مسائل الإيمان بالله كلية الآداب بقنا.


ألسيرة الذاتية3

الكتب المؤلفة:


1- المذاهب الفقهية الأربعة: الجذور التاريخية.. والأصول المذهبية .

2- الاجتهاد: أصوله.. وضوابطه.

3- أدلة الأحكام: المتفق عليها.. والمختلف فيها.

4- طرق استنباط الحكم الشرعي.

5- فصول في علم أصول الفقه.

6- مختصر الفقيه والمتفقه.

7- تاريخ التشريع الإسلامي.

8- عصر الأئمة المجتهدين.



9- تحقيق النصوص بين التنظير والتطبيق.



10- مناهج البحث العلمي في الدراسات الإسلامية.

11- الوجيز في علوم القرآن.

12- القرآن الكريم والدراسات الاستشراقية.

13- التفسير ومذاهبه.

14- السنة النبوية: المصدر الثاني للتشريع الإسلامي.

15- علوم الحديث.

16- طرق تخريج الأحاديث.

17- القواعد الفقيه في الأحاديث النبوية.

18- دستور الأخلاق في السنة النبوية.

19- فقه العبادات في ضوء الكتاب والسنة.

20- قضايا إسلامية معاصرة في فقه المعاملات.

21- حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية.

22- علم مقارنة الأديان.

23- التجديد في الخطاب الإسلامي المعاصر.

24- المرأة في الحضارات القديمة والأديان السماوية.

25- المرأة في التصور الإسلامي.

26- مقدمة في علم مقارنة الأديان.



المؤتمرات التي شارك فيها:

1- ندوة كلية الآداب جامعة عين شمس المنعقدة في 10-11 إبريل 2002م حول: "جدلية الذات والآخر في الثقافة العربية" ببحث: "دار السلام ودار الحرب في ضوء الاجتهاد الإسلامي المعاصر".

2- مؤتمر "الفلسفة وحوار الحضارات"، خلال الفترة من 26 إلى 27 مارس 2003م، المنعقد بجامعة الزقازيق ببحث " تجديد الخطاب الإسلامي".



3- المؤتمر الدولي الأول عن (مناهج التجديد في العلوم الإسلامية والعربية) في الفترة من (5-7) مارس 2005م في كلية دار العلوم- جامعة المنيا ببحث:

"الإسلام والتجديد".

4- مؤتمر (الثقافة العربية بين الوحدة والتعدد في حوار المشرق والمغرب) في الفترة من(26- 27) إبريل 2005م في كلية الآداب- جامعة عين شمس ببحث:

"أثر الإسلام في وحدة الثقافة العربية".

5- المؤتمر الدولي الثاني "المستشرقون والدراسات العربية والإسلامية

"المنعقد في جامعة المنيا- كلية دار العلوم في الفترة من 4-6 مارس 2006م ببحث: "الإسلام ومستقبل الحوار الحضاري".

6- مؤتمر "الحداثة في المجتمع المصري: استكشاف لآفاق التقدم "في جامعة عين شمس- كلية الآداب في الفترة من 2-3 مايو 2006م. ببحث: "الاقتباس من الآخر: بين فقدان الأصالة وتأصيل الهوية".

7- المؤتمر الدولي الثالث "العلوم الإسلامية والعربية وقضايا الإعجاز في القرآن والسنة بين التراث والمعاصرة "المنعقد في جامعة المنيا- كلية دار العلوم في الفترة من 4-6 مارس 2007م. ببحث: "التراث بين الأصالة والمعاصرة".

8- الندوة العلمية حول موضوع "ثقافة التواصل في عصر العولمة: رؤية عربية" المنعقد في كلية الآداب- جامعة عين شمس يومي 1، 2 إبريل 2007م ببحث: "التراث بين الأصالة والمعاصرة".

9- المؤتمر الدولي الأول لكلية الآداب – جامعة عين شمس بعنوان (النهضة العربية في العصر الحديث – من فلسفة النظرية إلى تفعيل الواقع) ببحث عنوانه: (أثر التعليم في تنمية المجتمع الإسلامي)، وذلك يوما 11، 12 / 12/ 2007م.

10- المؤتمر العلمي الرابع: "التفكير العلمي وقيم التقدم – الأسرة المصرية" بجامعة عين شمس – كلية الآداب ببحث عنوانه: "قيم التماسك في الأسرة المسلمة"، وذلك يوما 16، 17/ 12/ 2007م.







11- المؤتمر الدولي الرابع المنعقد في كلية دار العلوم – جامعة المنيا، 6-11 من مارس 2008 " بعنوان: "الثقافة العربية الإسلامية.. الوحدة والتنوع" ببحث عنوانه "الإسلام ودوره في النهضة الحديثة".

12- المؤتمر العلمي الرابع المنعقد بكلية الآداب – جامعة جنوب الوادي (12-14 من مارس) بعنوان: "قنا عبر العصور، والمشاركة ببحث: "ابن دقيق العيد:

مجدد القرن السابع الهجري".

13- المؤتمر الدولي الثاني بكلية الآداب – جامعة عين شمس بعنوان: "النهضة العربية وثقافة الاختلاف: رؤية مستقبلية"، [22، 23 من فبراير سنة 2009] وذلك ببحث: "فقه الاختلاف: المعالم والضوابط".

14- المؤتمر الدولي الخامس بكلية دار العلوم – جامعة المنيا بعنوان: "إسهام العلماء المسلمين في الحضارة العالمية" 8-10 مارس سنة 2009م ببحث: "التنظير والتأصيل لفقه الأقليات المسلمة".




ألسيرة الذاتية2

المواد التي قام بتدريسها


1- علوم القرآن. 2- السنة النبوية. 3- فقه المعاملات.

4- الحديث النبوي. 5- تحقيق المخطوطات. 6- علم أصول الفقه.

7- علم مقارنة الأديان. 8- تاريخ التشريع الإسلامي. 9- الفكر الإسلامي المعاصر.

10- قاعة بحث. 11- فقه العبادات. 12- علوم الحديث.



الدورات الحاصل عليها:

1- الجوانب القانونية (من 3/4/2005م إلى 5/ 4/2005م )

2- إدارة الوقت وضغوط العمل (من 9/4/2005م إلى 12/4/2005م)

3- موضوعات مختارة في التدريس (من 7/5/2005م إلى 10/5/2005م)

4- اتخاذ القرار وحل المشكلات (من 11/6/2005م إلى 14/6/2005م)

5- أخلاقيات وآداب المهنة (من 21/1/2007م إلى 23/1/2007م)

6- تقييم التدريس (من 15/4/2007م إلى 17/4/2007م)

7- الساعات المعتمدة (من 6/5/2007م إلى 8/5/2007م )



النشـــاط العلمــــي

الأبحاث المنشورة:

1- فقه الأولويات وعلاقته بفقه المقاصد. مجلة كلية الآداب المحكمة بقنا- العدد العاشر- عام 2002م

2- الاجتهاد الجماعي: أصوله وضوابطه. مجلة كلية الآداب المحكمة بسوهاج- العدد الرابع والعشرين- الجزء الثاني- أكتوبر 2001م.

3- فقه التمكين في القرآن الكريم. مجلة كلية الآداب المحكمة بقنا- العدد الحادي والعشرين- 2001م.

4- فقه الموازنات وتطبيقاته المعاصرة. مجلة كلية الآداب المحكمة بسوهاج- العدد الخامس والعشرين- الجزء الثاني- أكتوبر 2002م.

5- حقوق الإنسان في السنة النبوية. مجلة كلية الآداب المحكمة بجامعة حلوان- عدد 2002م.

6- دار السلام ودار الحرب في ضوء الاجتهاد الإسلامي المعاصر. مجلة كلية دار العلوم المحكمة بجامعة المنيا- العدد الثامن- يونيو 2003م.

7- تجديد الخطاب الإسلامي. حوليات كلية الآداب بجامعة عين شمس- المجلد 31،

عام 2003م.



8- تأصيل فقه المقاصد. حوليات كلية الآداب بجامعة عين شمس- عدد 2004م، ومجلة كلية الآداب المحكمة، بجامعة حلوان العدد السابع- يناير 2005م.

9- القواعد الفقهية ومدى حجيتها- مجلة كلية دار العلوم المحكمة- بجامعة المنيا-

العدد الحادي عشر- يناير 2005م.

10- دور الوقف في حل مشكلات المجتمع الإسلامي المعاصر- مجلة كلية دار العلوم- جامعة المنيا. العدد الرابع عشر، يونيو 2006م، المجلد الثاني.

11- ضوابط فقه التنزيل. مجلة كلية الآداب المحكمة، جامعة حلوان، العدد الثامن عشر، يناير 2006م.

12- السنة التشريعية – مجلة مركز البحوث والدراسات الإسلامية المحكمة - كلية دار العلوم – جامعة القاهرة – العدد الثاني 1428هـ / 2007م.

13- العلاقة بين الوحي والعقل: دراسة أصولية – مجلة مركز البحوث والدراسات الإسلامية المحكمة بكلية دار العلوم – جامعة القاهرة – العدد الخامس 1429هـ/2008م.

14- خبر الواحد إذا خالف عمل أهل المدينة – مجلة كلية دار العلوم – جامعة القاهرة – العدد الخمسون 1430هـ/2009م.



الكتب المؤلفة:

1- المذاهب الفقهية الأربعة: الجذور التاريخية.. والأصول المذهبية .

2- الاجتهاد: أصوله.. وضوابطه.

3- أدلة الأحكام: المتفق عليها.. والمختلف فيها.

4- طرق استنباط الحكم الشرعي.

5- فصول في علم أصول الفقه.


ألسيرة الذاتية1


الاسم


: إبراهيم رشاد محمد صبري


تاريخ ومحل الميلاد


: 21/6/1961م جمهورية مصر العربية، القاهرة


العنوان


: جمهورية مصر العربية- القاهرة- مصر الجديدة- 2ش المكس


رقم التليفون


: 22413559/02 منزل- القاهرة، محمول: 0123894018


رقم البطاقة


: بطاقة قومية 26106210100998


الحالة الاجتماعية


: متزوج ويعول


الجنسية والديانة


: مصري- مسلم


التخصص العام


: دراسات إسلامية (أستاذ مساعد)


التخصص الدقيق


: أصول فقه (أستاذ مساعد)


عنوان العمل


: كلية الآداب بقنا- جامعة جنوب الوادي- قسم الدراسات الإسلامية






المؤهلات العلمية


(1) ليسانس في اللغة العربية والدراسات الإسلامية- كلية دار العلوم- جامعة القاهرة-


بتقدير عام (جيد) عام 1985.


(2) دبلومة عامة في التربية- كلية البنات- جامعة عين شمس بتقدير عام (جيد جدا) عام 1985.


(3) ماجستير في اللغة العربية وآدابها- تخصص دراسات إسلامية- كلية البنات- جامعة عين شمس- بتقدير (ممتاز) 1994م- بعنوان "من مشكلات العصر وعلاجها عند سيد قطب ".


(4) دكتوراه في اللغة العربية وآدابها- تخصص دراسات إسلامية- كلية البنات- جامعة عين شمس بتقدير: مرتبة الشرف الأولي عام 1998م- بعنوان"الاجتهاد في استنباط الأحكام مع بيان مقاصد الشريعة".






مجالات العمل والخبرة:


التدرج الوظيفي:


 مدرس ثانوية- لغة عربية وتربية دينية- لمدة ثلاثة عشر عاما من 19/1/1986م إلى 23/10/1999م.


 مدرس الدراسات الإسلامية من 25/10/1999م- كلية الآداب بقنا- جامعة جنوب الوادي.


 أستاذ مساعد في قسم الدراسات الإسلامية من 26/10/2004م.


 أستاذ الدراسات الإسلامية من 1/12/2009 م.


 رئيس قسم الدراسات الإسلامية من 24/11/2004م- كلية الآداب بقنا- جامعة جنوب الوادي.


 أستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة و الأنظمة – جامعة الطائف – المملكة العربية السعودية من 1/10/2009م – شوال 1430هـ .


الكليات التي شارك بالتدريس فيها


1- كلية الآداب بقنا.


2- كلية التربية بقنا.


3- كلية الآداب بسوهاج.


4- كلية التربية بسوهاج.


5- كلية التربية بأسوان.


6- كلية الآداب بأسوان.


7- كلية التربية بالغردقة.


8- كلية الشريعة و الأنظمة – جامعة الطائف – المملكة العربية السعودية .