الخميس، 13 يناير 2011

خصائص الأخلاق في السنة النبوية ووسائلها




الفصل الخامس

خصائص الأخلاق في السنة النبوية ووسائلها







تمهيد:

تتميز الأخلاق في السنة النبوية بخصائص ومميزات بناءة وإيجابية متعددة، تقصر دون بلوغها الأخلاق في غيرها من السنن والشرائع، والفلسفات والنظريات القديمة والحديثة.

ولعل من أبرز هذه الخصائص والمميزات التي يمكن استقاؤها واستنتاجها من الأحاديث المتقدمة في قسمي الأخلاق المحمودة والمذمومة خاصية الشمول: وخاصية التوازن، وخاصية الاعتدال، وخاصية الواقعية، وخاصية التطبيق( ).

أولاً: خصائص الأخلاق في السنة النبوية

1- خاصية الشمول:

يتبين لنا من خلال دراسة وتحليل مضامين الأحاديث الشريفة المتقدمة أن الأخلاق في السنة النبوية الشريفة تتميز دون سواها بخاصية "الشمول" بحيث تنتظم أخلاق الفرد، وأخلاق الأسرة، وأخلاق الجماعة، بل وأخلاق التعامل مع الحيوان.

كما تنتظم الدوائر المتشابكة في المواقف والاتجاهات التي تعتبر أساس المسؤولية الأخلاقية على اختلاف أنواعها، فهي تحدد المسؤولية الأخلاقية للفرد تجاه ربه ونفسه وأهله وذوي قرباه وجيرانه وأعضاء الجماعة التي يعيش فيها، وتجاه عمارة الأرض وحسن استثمار ما عليها من حيوان ونبات وجماد، وما فيها من كنوز وخبايا وغيرها.

وهي تحدد المسؤولية الأخلاقية للأسرة تجاه أبنائها وأعضائها وكيفية رعايتهم وتربيتهم وتنشئتهم، وعلاقاتها مع بقية الأسر في الحي السكني، وفي المحيط الاجتماعي العام، وهي تحدد المسؤولية الأخلاقية للجماعة تجاه أفرادها من حيث توجيههم وإرشادهم، وتنقية بيئتهم من الأمراض والشوائب والعلل الخلقية والاجتماعية، وحفظ عقيدتهم الدينية، ونظامهم الأخلاقي، وتراثهم الاجتماعي وتهيئة الفرص المتكافئة العادلة لتنمية قدراتهم وصقل مواهبهم، وتحقيق أهدافهم الفردية في إطار الأهداف العامة للمجتمع.

ويمكن أن نورد على سبيل المثال بعض قواعد خاصية الشمول في الأخلاق النبوية على النحو التالي:

- اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

- أفضل الأعمال: الصلاة على ميقاتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله.

- إن لبدنك عليك حقاً، ولعينك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً.

- لا يدخل الجنة قاطع رحم.

- لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.

- عليكم ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا.

- من لا يرحم لا يُرحم.

- ليس فينا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر.

- ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته.

- من رأى منكم منكراً فليغيره.

- كونوا عباد الله إخوانا.

- المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.

- كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه.

- المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.

- مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

- إن قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها.

- الدين النصيحة.

2- خاصية التوازن:

ومن أهم ما تتميز به الأخلاق النبوية خاصية الاتزان، فهي تعترف بالدوافع الفطرية والمكتسبة للإنسان، وتقدر حاجاته، وتسمح له بإشباعها بالطرق السوية المشروعة بالقدر الذي يحفظ له حياته، ويحقق له سعادته وراحته النفسية، وهي توازن بين مطالب الجسم وشواغل الروح، وبين الدنيا والآخرة، ولا تضحي بأحدهما في سبيل الآخر، وتعطي لكل منهما حقه بدون إفراط ولا تفريط.

وبخاصية التوازن تتجنب السنة النبوية الازدواجية والتنافر التي توجد في غيرها من السنن والشرائع والفلسفات والنظريات الوضعية، فمثلاً نجد الديانة اليهودية اتجهت اتجاهاً مادياً متطرفاً، وهو حال المذاهب المادية الوضعية، والديانة المسيحية اتجهت اتجاهاً روحياً خالصاً، وهو حال المذاهب الصوفية، ومن شأن هذين الاتجاهين المفرطين في المادية والروحية أن يخلا بمعيار التوازن الأخلاقي الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بانسجام وتوافق قوى الفرد الروحية والعقلية والاجتماعية والجسمية.

قال تعالى              ( ).

وقال عزّ وجلّ                    ( ).

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله  : " يا عبد الله ألم أخبرك أنك تصوم النهار، وتقوم الليل ؟ " قلت: بلى يا رسول الله. قال: " فلا تفعل. صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً "( ).

3- خاصية الاعتدال:

تتميز الأخلاق النبوية بخاصية الاعتدال، التي تعتبر أساس خاصية التوازن المتقدم ذكرها، وبهذه الخاصية الهامة تحول السنة النبوية دون الغلو أو الشطط في اتجاه على حساب آخر، وتؤكد وجوب اتخاذ الموقف العادل الوسط الذي يحفظ لأمور الحياة البشرية توازنها وانسجامها، فلا حيوانية مسرفة، ولا رهبانية مطلقة، ولا غلبة لقوى الروح على مطالب الجسد أو العكس، ولا صراع بين الدين والدنيا بل نظرة عادلة متكاملة للطبيعة الإنسانية، كما خلقها الله تعالى، تكفل لها هداية الإيمان، ونضج العقل، واتزان الوجدان، ونمو البدن وتضمن لها إشباعاً سوياً متزناً لمختلف الدوافع والحاجات الفطرية والمكتسبة.

قال تعالى                           •     ( ).

وقال رسول الله  : " ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه، حتى يصيب منهما جميعاً، فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة "( ).

4- خاصية الواقعية:

من أهم الخصائص الإيجابية التي تتميز بها الأخلاق النبوية: خاصية الواقعية التي تستجيب للفطرة البشرية السليمة، والتي يتم على أساسها احترام مطالب الجسد والروح معاً، وعدم تكليف الإنسان بما لا يطيق من الفرائض والتكاليف التي تفوق قدراته وإمكانياته وتتعارض مع فطرته ودوافعه الصحيحة.

وهذه الخاصية تمنع الإنسان من الزهد في إشباع غرائزه ودوافعه الفطرية المعتدلة، لأنها مصدر حفظ حياته واستمرارها، والعزوف عن إشباع دوافعه النفسية والاجتماعية المكتسبة، لأنها قوام توازنه الانفعالي وصحته النفسية والعقلية كما تمنعه من الانسياق في تيار المادة فيغفل عن إشباع شواغله الروحية، لأنها منبع هدايته وإيمانه ومصدر أمله في خالقه ونيل نعيمه في آخرة باقية.

إن خاصية الواقعية تدعو الإنسان إلى التمتع بالنعم الحلال في دنياه في حدود المعقول، وتجنب الإسراف الضار، وتأمره بأن يحرص على كل ما ينفعه، وأن يكون مؤمناً قوياً كريماً عزيزاً قادراً على صون دينه وحقوقه وشرفه، والدفاع عن نفسه، وحفظ كرامته، ومقاتلة من يقاتله، ودفع عدوان من يعتدي عليه، ورد سيئة من يسيء إليه( ).

عن أنس بن مالك  يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي  يسألون عن عبادة النبي  ، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي  ، قد غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر لا أفطر. وقال آخر: أنا اعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله  فقال: " أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني "( ).

وعن حنظلة الأسيّدي … قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول

الله  : " وما ذاك ؟ " قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسيناً كثيراً. فقال رسول الله  " والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم، وفي طرقكم، ولكن ياحنظلة ساعة وساعة، ثلاث مرات "( ).

وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز .." ( ).

وعن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله  : " من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد "( ).

وعن عائشة أن رسول الله  قال: " يا أيها الناس: عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملّوا، وإن أحبّ الأعمال إلى الله ما دووم عليه وإن قلّ "( ).

وقال تعالى:                ( ).

5- خاصية التطبيق:

من أبرز وأهم مميزات وخصائص الأخلاق النبوية، التي تتميز بها وتمتاز بها عن غيرها، خاصية التطبيق، فالأخلاق في نظر السنة النبوية ليست مجرد نصائح ومواعظ وإرشادات وحكم خلقية، بل هي مثل عليا وقيم سامية وقواعد نبيلة، قابلة إلى أن تتجسد في الاتجاهات والمواقف والتصرفات السلوكية للإنسان، في حياته اليومية تجاه ربه تعالى ونفسه وأهله وأقاربه وجيرانه وأعضاء جماعته والناس أجمعين، وما يشاركه الحياة على الأرض من حيوان ونبات، وكيفية استغلاله لإمكانيات الكون الذي يعيش فيه وفق معايير المسؤولية الدينية والخلقية لاستخلاف الله تعالى له على الكون دون سائر خلقه.

ولذلك فقد ربطت الأخلاق النبوية بين الإيمان والعمل، والنية والتنفيذ، والقول والفعل، والنظرية والتطبيق، وأكدت أن الأخلاق ليست مجرد أقوال وشعارات جوفاء، بل هي مثل ومبادئ وقيم وقواعد، تنعكس بشكل حي وفعال في سلوك الفرد وتصرفاته وأقواله وأفعاله ومعاملاته وعلاقاته ومواقفه واتجاهاته، وسره وعلانيته.

عن عمر بن الخطاب  يقول: سمعت رسول الله  يقول: " إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه "( ).

وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  : "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"( ).

وعن عبد الله بن عمرو يقول: قال النبي  : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه "( ).

وعن أبي سعيد الخدري  أن النبي  قال: "إياكم والجلوس بالطرقات" فقالوا: ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها. فقال: " إذ أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه " قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله. قال: " غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر "( ).

وقال تعالى                      ( ).

ثانياً: وسائل التربية الخلقية في السنة النبوية

بتحليل المضامين التربوية في السنة النبوية نجد أنها انتهجت عدة وسائل إيجابية للتربية الخلقية.

ومن أهم هذه الوسائل ما يلي:

1- الوعظ والإرشاد:

تركز السنة النبوية على أسلوب التوجيه بالوعظ والإرشاد، باعتباره من الوسائل الفعالة للتربية الخلقية، لما فيه من تبين وإقناع، ودعوة إلى اتباع الهداية التي تصلح حال الفرد والجماعة، لأنها محور الأخلاق المحمودة، وحث على اجتناب الضلال الذي يضر بالفرد والجماعة، لأنه محور الأخلاق المذمومة.

قال تعالى    ••    ( ).

قال عز وجل               ( ).

وقال رسول الله  ، واعظا الصحابي الأقرع بنا حابس التيمي، مرشدا إياه إلى اتباع أسلوب الرحمة في معاملة أبنائه: " من لا يرحم لا يُرحم "( ).

وقال عليه الصلاة والسلام واعظا للمسلمين ومرشداً إياهم إلى صنائع المعروف، والخلق الحسن: " تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة "( ).

وعن ابن مسعود قال: " كان النبي  يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا "( ).

وقال عليه الصلاة والسلام واعظاً وموجهاً إلى اتباع النظرة الواقعية الموضوعية للأمور، وتقدير نعم الله عز وجل الخافية والظاهرة على الإنسان.

"إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخُلُق، فلينظر إلى من هو أسفل منه "( ).

2- التذكير والنصح:

اهتمت السنة النبوية بوسيلة التذكير كأحد الوسائل الإيجابية للتربية الخلقية، لأنها تدعو إلى الهدى والتقى والخير، وتحذر من الضلالة والغواية والشر، ولا شك أن للتذكير الصادق، والنصح المخلص أثرهما الفعال في النفوس وردها عن غيها وضلالتها، وكشف حجب الغفلة عنها خصوصاً إذا تم اختيار الوقت المناسب والأسلوب المناسب.

قال تعالى   •     ( ).

وعن أبي تميم الداري أن النبي  قال: " الدين النصيحة " قلنا: لمن ؟ قال: " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم "( ).

عن حنظلة الأسيدي … قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول الله  : " وما ذاك ؟ " قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً. فقال رسول الله  : " والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة "( ).

3- ضرب الأمثال:

اهتمت السنة النبوية بضرب الأمثال كوسيلة من الوسائل الهامة للتربية الخلقية، لما فيها من تحبيب للخير، وتزيينه للنفوس، وإبراز نتائجه المفيدة السارة، وتنفير من الشر وتقبيحه، وإبراز عواقبه الوخيمة والمؤلمة، خاصة إذا ما روعي في ضرب الأمثال البساطة وسهولة الفهم وتمشيها مع المستوى العقلي والإدراكي والتحصيلي للسامع.

قال تعالى     ••     ( ).

وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله  : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "( ).

وعن أبي موسى  قال: قال النبي  : " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر، مثل الحي والميت "( ).

4- القصص:

ركزت السنة النبوية على القصة كوسيلة من أهم وسائل التربية الخلقية، وأكثرها تأثيراً في النفوس، عن طريق الإيحاء المرتبط بنتائج القصة، إذ تدفع النتائج السارة والسعيدة إلى اتباع الخير وتحبيبه للنفوس اقتداء بالصالحين، وتدفع النتائج المؤلمة والتعيسة إلى اجتناب الشر وتقبيحه للنفوس، نفوراً من الطالحين.

قال تعالى                          ( ).

وأوردت السنة النبوية العديد من القصص المؤثرة: كقصة أصحاب الغار، وكقصة موسى والخضر عليهما السلام، وقصة أصحاب الأخدود وقصة الأبرص والأقرع والأعمى، وقصة الأطفال المتكلمين في المهد، وقصة ماشطة بنت فرعون وغيرها، ونسوق للتدليل قصة الأبرص والأقرع والأعمى فيما يلي:

عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثني: عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي  يقول: " إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون حسن، وجلد حسن، ويذهب عني الذي قذرني الناس. قال: فمسحه فذهب عنه قذره، وأعطي لوناً حسناً، وجلداً حسناً. قال فأي المال أحب إليك؟ قال الإبل، أو قال البقر.

- شك إسحاق أن الأبرص أو الأقرع قال أحدهما الإبل، وقال الآخر البقر- فأعطى ناقة عشراء، فقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه، وأعطي شعراً حسنا، فقال: فأي المال أحب إليك ؟ قال: البقر، فأعطي بقرة حاملاً، فقال: بارك الله لك فيها. قال: فأتى الأعمى، فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال: أن يرد الله إليّ بصري، فأبصر به الناس، قال: فمسحه، فرد الله إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك ؟ قال: الغنم، فأعطي شاة والدًا. فأنتج هذان وولَّدَ هذا. قال: فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم. قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، بعيراً أتبلَّغ عليه في سفري. فقال: الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر. فقال: إن كنت كاذباً فصيَّرك الله إلى ما كنت، وأتى الأقرع في صورته وهيئته، فقال له مثل ما قال لهذا، فردّ عليه مثل ما ردّ عليه هذا، فقال: إني كنت كاذباً فصيّرك الله إلى ما كنت، وأتى الأعمى في صورته وهيئته. فقال: رجل مسكين وابن سبيل، انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها سفري. فقال: قد كنت أعمى فرد الله إليّ بصري، فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم شيئاً أخذته لله. فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم، فقد  عنك، وسخط على صاحبيك "( ).

5- الترغيب والترهيب:

من أهم وسائل التربية الخلقية في السنة النبوية وسيلة الترغيب في عمل الخير وكسب الفضائل بما يناله الإنسان من نعيم مقيم في آخرته، وما يلقاه من تكريم وتقدير واحترام، في دنياه، ووسيلة الترهيب من عمل الشر وارتكاب الرذائل بما يصيب الإنسان من عذاب أليم في آخرته، وما يلقاه من نبذ واحتقار وامتهان في دنياه.

قال تعالى       •                    •              ( ).

وقال عز وجل                   ( ).

عن جرير بن عبد الله … فقال رسول الله  : " من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء "( ).

وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  : " الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار "( ).

وعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله  : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً "( ).

6- القدوة:

ركزت السنة النبوية على القدوة باعتبارها أخطر وسائل التربية الأخلاقية، وأكثرها تأثيراً في نفسية الفرد منذ نشأته الأولى، خاصة وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالميول الطبيعية لدى الفرد للتعلم والتلقي والاكتساب عن طريق التقليد والمحاكاة والاقتداء بمن يرى فيهم صورة الكمال من والدين ومربيين وأبطال وغيرهم، أو ممن يرتبط بهم ارتباطاً نفسياً كالرفاق والأصحاب وأبناء الحي وغيرهم.

قال تعالى                   ( ).

وقد ضرب رسول الله  من نفسه للمسلمين الأسوة الحسنة والقدوة المثلى، في كل ما يأمرهم به، وينهاهم عنه، ويرشدهم إليه، قولاً وعملاً وتصرفاً وسلوكاً.

عن البراء  قال: رأيت رسول الله  ، يوم الأحزاب ينقل التراب وقد وارى بياض بطنه، وهو يقول: " لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا، فأنزل السكينة علينا، وثبت الأقدام إن لاقينا، إن الأولى قد بغوا علينا، إذا أرادوا فتنة أبينا "( ).

وعن أنس بن مالك قال: كان النبي  أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت، فاستقبلهم النبي  قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول: " لن تراعوا، لن تراعوا "( ).

وتؤكد السنة النبوية تأثير القدوة في تربية الناشئين، واكتساب اتجاهاتهم الدينية والأخلاقية في المحيط الأسري والاجتماعي الذي يعيشون فيه.

عن أبي هريرة أنه كان يقول: قال رسول الله  : " ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه "( ).

وعن أبي هريرة أن النبي  قال: " الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل "( ).

وعن أبي موسى عن النبي  قال: " إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة "( ).

وقال تعالى                      ( ).

7- العبادة:

تعتبر السنة النبوية المطهرة الفرائض: من صلاة وصوم وزكاة وحج من أهم وسائل التربية الخلقية، وغرس الفضائل والقيم والمثل العليا وترسيخها في القلوب، وتهذيب السلوك وتقويمه، وإصلاح أحوال النفس البشرية وتزكيتها وتقوية مناعتها ضد أسباب الانحلال والانحراف والفساد( ).

فالصلاة: طهارة روحية ونفسية وجسدية: فهي تصفي القلوب من الشك والضلال والأوهام وأفكار السوء، وتزكي الأنفس وتقيها من الفحشاء والمنكر وتطهر الأبدان من القذارة والأدران.

كما أن الصلاة عماد الدين، ونور اليقين، وشفاء الصدور، وملاك كل الأمور، لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتبعد النفس الأمارة بالسوء عن الشرور التي طبعت على الميل إليها. قال تعالى            ( ).

إن الإنسان يقف أمام مولاه في اليوم والليلة خمس مرات خاضعاً خاشعاً ذليلاً أمام العزة الربانية، واضعاً هواه تحت قدمه، لأنه منصرف بكليته إلى الإله الحقيقي الذي لا معبود بحق سواه، حتى لا تغيب عنه عظمته وهيبته وجلاله في عامة يومه.

إن من حكم الصلاة، وجود الاطمئنان في القلب، فلا يجزع عند المصائب. ولا يمنع الخير إذا وفق إليه، لأن الجزع ينافي الصبر الذي هو من أفضل أسباب السعادة، ولأن منع الخير مضرة كبرى وعدم ثقة بالخالق الرزاق المخلف ما ينفقه الإنسان في سبيل البر والإحسان. وقد قال الله تعالى

 •   •               ( ).

كما أن الصلاة مانعة للمصلي عن ارتكاب المعاصي، لأنه إذا قام بين يدي ربه خاشعاً متذللاً مستشعراً هيبة الرب جل جلاله، خائفاً تقصيره في عبادته كل يوم خمس مرات، عصمه ذلك عن اقتحام المعاصي، والامتناع عن المعصية فرض، وقد قال الله تعالى     •     •      ( ).

ومنها أنها جعلت مكفرة للذنوب والخطايا والذلات والتقصير.

وعن أبي هريرة أن رسول الله  قال: " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء ؟ " قالوا: لا يُبقى من درنه شيء. قال: " فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا "( ).

والصوم تربية روحية وخلقية واجتماعية وجسدية: فهي تجعل طاعة المسلم خالصة لله تعالى مع شكر نعمه وتقدير آلائه، واستغفاره وذكره وتسبيحه، والإنابة إليه والتوكل عليه، وهي تقوى إرادة المسلم وقدرته على ضبط غرائزه ودوافعه، وكبح شهواته ونزواته، وهي توثق الترابط والتراحم والتعاطف والتكامل بين الأفراد الذين لا يتمايزون إلا بالتقوى، وهي تعود البدن على تحمل العطش والجوع والمشقة، وتنظم أحواله الصحية في أجهزته الداخلية والخارجية.

قال تعالى                 ( ).

إن في الصوم تقوية الإرادة، وتغليب حكم العقل على الشهوة، فإذا ارتاض الإنسان بذلك ارتياضاً تاماً، وأصبح السلطان للعقل لا للهوى، كان ذلك من قوة العزيمة ما تصير به من خير الناس.

كذلك مراقبة الله تعالى والحياء منه، فإنك كلما اشتهيت شيئاً وأنت صائم، تركته لله، فتتربى ملكة المراقبة لله عز وجل، ويقوى الإحساس بعظيم ألوهيته وملاحظة اطلاعه عليك.

ولو تملكت هذه المراقبة نفوس الناس جميعاً لما وجد شيء من الجرائم، ولما استبعد القوي الضعيف.

ومن حكمة الصوم، التذكير بحال الفقراء حتى تواسيهم وتشفق عليهم، وليس يعرف حال المضطر إلا من أصابه الاضطرار.

ومعرفة ضعف الإنسان وحاجاته، ومن عرف ضعفه واحتياجه، زالت عنه الكبرياء الكاذبة التي لا تليق بمن إذا أخرت عنه شربة ماء ذلّ وضعف وزالت منه الأنانية التي يريد بها أن يكون إلهاً لا عبداً، وما أضعف عبد

ينفعل من أجل أكلة أو شربة، فيعرف الإنسان قدره بهذا. ورحم الله امرءًا عرف قدره فيتأدب مع الله ومع خلق الله.

كما أن النفوس متى قويت بشهواتها طغت   •       ( ). فإذا منعت عنها شهواتها خمدت، ومتى خمدت رجعت إلى الله تعالى، وأحست به. وكذلك تجد نفس المريض راجعة إلى الله تعالى متعلقة به، بخلاف نفس الصحيح، ودواء النفوس وسعادتها إنما هو في التعلق بالله، لأنه لا غنى عنه، قال تعالى    ••          ( ).

عن أبي هريرة  ، قال رسول الله  : " الصيام جنة "( ).

عن أبي هريرة  قال: سمعت رسول الله  يقول: " قال الله

عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، هو لي وأنا أجزي به "( ).

والزكاة طهارة لمال الإنسان وعمله، وهي تنقي النفس من رذائل الأخلاق كالشح والبخل والتقتير، وتكسبها فضائل الأخلاق كالإحسان والبر والصدقة والكرم والسخاء وعون الفقراء والمساكين ومساعدة المحتاجين والمعوزين، وتقوي روح التكافل والتعاون الاجتماعي، وتذيب الفوارق الحادة بين فئات المجتمع، فتزيل بطر الأغنياء، وحقد الفقراء، وتحل محلهما التعاطف والتراحم والعدل. قال تعالى          ( ).

كما أن أداء الزكاة تطهر نفس المؤدي من أنجاس الذنوب، كما تزكيه بأخلاق الجود والكرم، وترك الشح والضن، إذ الأنفس مجبولة على الضن بالمال، فتتعود السماحة، وترتاض لأداء الأمانات، وإيصال الحقوق إلى مستحقيها.

إن الله سبحانه وتعالى أنعم على الأغنياء وفضلهم بصنوف النعمة والأموال الفاضلة عن الحوائج الأصيلة، وخصهم بها، فيتنعمون ويتلذذون بلذيذ العيش. وشكر النعمة فرض عقلاً وشرعاً، وأداة الزكاة إلى الفقير، من باب شكر النعمة فكان فرضاً.

وحث الإسلام على إخفاء الصدقات لرفع عبء الاحتياج عن الفقير المسكين دون أن نؤلم نفسه بالإضافة إلى بلاء الفقر والاحتياج.

عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله  فقالوا: إن ناساً من المُصدِّقين يأتُوننا فيظلمونا. قال: فقال رسول الله  :

" أرضُوا مُصدِّقيكم "( ).

وعن أبي هريرة قال: قال النبي  : " قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم، أَنْفق أُنفق عليك " وقال: " يمين الله مَلأَي سَحًّاءُ لا يغيضُها الليل والنهار "( ).

عن أبي هريرة  يقول: قال رسول الله  : " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوي بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت

أعيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد، فيرى وسبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار "( ).

وعن شعبة قال: أخبرني عمرو عن خيثمة بن عدي بن حاتم قال: ذكر النبي  النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه، ثم ذكر النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه، قال شعبة: أما مرتين فلا أشك، ثم قال: " اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة "( ).

والحج تربية خلقية واجتماعية: فهو ينقي القلوب من الكبرياء والغرور والتعالي، ويغرس فيها التقوى والتواضع وعدم التكلف، وتجنب اللغو والجدال والفسوق، وغيرها من مساوئ الأخلاق، ويقوي لدى المسلم الإحساس بالمساواة مع الآخرين الذين يؤدون نفس الشعائر، ويرتدون نفس ملابس الإحرام، ويتساوون أمام خالقهم عز وجل، وكأنهم في يوم الحشر، لا فرق بين أبيض وأسود، ولا بين عربي وعجمي، ولا بين فقير وغني، ولا بين ذي حسب ونسب وشخص من العامة: إلا بتقوى الله تعالى وحسن طاعته، واستقامة الخلق والسلوك.

قال تعالى    ••        ( ).

وقال تعالى          ( ).

وعن أبي هريرة  قال: سُئل النبي  أيُّ الأعمال أفضل ؟ قال: " إيمان بالله ورسوله " .قيل: ثم ماذا ؟ قال: "جهاد في سبيل الله ". قيل ثم ماذا ؟ قال:

" حج مبرور "( ).

وعن أبي هريرة  قال: سمعت النبي  يقول : " من حج لله، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه "( ).

8- التوبة والمغفرة:

ركزت السنة النبوية على التوبة والاستغفار كوسيلة من أهم وسائل التربية الخلقية البناءة التي تصلح أحوال النفس المخطئة، وتفتح أمامها باب العودة إلى حظيرة الإيمان والهدى والتقى والاستقامة، ووعدت التائب الصادق العازم على عدم العودة إلى المعاصي والخطايا بقبول الله تعالى لتوبته المخلصة، ومغفرته لذنوبه، وتجاوزه عن خطاياه، وتوفيقه إلى اتباع سبيل الهداية والرشاد والصلاح.

قال تعالى          ( ).

وقال عز وجل        ( ).

وقال تعالى  •      ( ).

وعن أبي هريرة: سمعت رسول الله  يقول : " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة "( ).

وعن أنس  قال: قال رسول الله  : " الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة "( ).

ثالثاً: أهداف التربية الخلقية في السنة النبوية

بعد أن بينا تعريف الأخلاق، وناقشنا خصائص النمو العقلي ومراحله وأوساطه، واستعرضنا موضوع الضمير وكيفية تكوينه، وموضوع المسؤولية الأخلاقية، وموضوع التربية السلوكية، وبينا أهم وسائل إصلاح النفس وتقويمها، وأوضحنا أقسام الأخلاق، وهي الأخلاق المحمودة، والأخلاق المذمومة، وأوردنا أهم خصائص ومميزات الأخلاق في السنة النبوية، وأهم وسائلها، بعد ذلك يجدر بنا أن نستعرض أهم أهداف التربية الخلقية في السنة النبوية، في ضوء المضامين التربوية للأحاديث الشريفة المتقدمة، وذلك على النحو الآتي( ):

1- إصلاح ما بين الفرد وربه عز وجل، وذلك بإصلاح سريرته وعلانيته، وبناء استقامته الخلقية على مراقبته الدائمة لله تعالى وكأنه يراه، وإحساسه بحضوره الدائم معه، وإخلاص العبادة والطاعة له.

2- تكوين الرقيب الأخلاقي الذاتي النابع من ضمير الفرد، والموجه لسلوكه والضابط لتصرفاته، والمحاسب له على أخطائه وذنوبه ومعاصيه، والمحرك المستمر لجوانب الخير والاستقامة في نفسه.

3- تقوية إرادة الفرد، وإحساسه بمسؤوليته الذاتية في تهذيب غرائزه ودوافعه، وضبط انفعالاته وعواطفه، والتحكم في نزواته ورغباته، وإشباعها بالطريق السوي المشروع دينياً وخلقياً واجتماعياً، وعدم إطلاق العنان لها بما يلحق به وبمجتمعه أفدح الأضرار.

4- ترقية السلوك الإنساني وترشيده، وجعله مجسماً للقيم والمبادئ والمثل الدينية والخلقية العليا، دائراً في فلكها حافظاً لها.

5- ترقية النفس البشرية وتقوية عفتها، وتحصينها من التردي في مهاوي الشهوات، والانسياق في تيار الملذات والانغماس في حمأة الرذيلة.

6- غرس الأخلاق الكريمة، والصفات الحميدة، والآداب الفاضلة وترسيخها في نفس الفرد، منذ نشأته الأولى، وتعويده على المعاملة الحسنة مع الآخرين، وتوجيهه إلى اتخاذ المواقف الإيجابية والاتجاهات البناءة دينياً وأخلاقياً نحو مختلف القضايا في حياته.

7- تنشئة الفرد على الشعور بالمسؤولية الخلقية تجاه الجماعة، وصون عقيدتها ونظامها الأخلاقي وكيانها الاجتماعي من مختلف عوامل التفكك والانحلال، وتقوية مناعتها ضد أسباب الفساد الخلقي: كالميوعة والفتنة والغواية والفسق والفجور والفواحش وغيرها.

8- تكوين الجماعة الفاضلة التي تأتمر بالمعروف، وتتناهي عن المنكر، وتتعاطف وتتراحم، وكأنها جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر، وكأنها بنيان مرصوص يشد بعضه بعضاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق